الدكتورة عويجان في ختام المسح الأكاديمي حول مفاهيم المواطنة العالمية: يجب على المناهج إعدادَ مواطنين ملتزمين الولاءَ لهويتِّهم اللبنانيّة أولاً
إختتمت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ندى عويجان أعمال المرحلة الأولى من مشروع التربية من أجل المواطنة العالمية GCED، بورشة عمل نظمت في مبنى المطبعة في سن الفيل في ٣٠ أيلول ٢٠١٩، هي الثانية بعد الورشة الأولى التي عقدت الاسبوع الماضي، وتم في خلال ورشة اليوم عرض نتائج المسح الأكاديمي حول توافر مفاهيم المواطنة العالمية في المناهج التربوية اللبنانية، وذلك بمشاركة ممثلين عن مركز آسيا والمحيط الهادىء للتعليم من أجل التفاهم الدولي APCEIU الذي يعمل تحت مظلة اليونيسكو، وبحضور عميدة كلية التربية الدكتورة تيريز الهاشم، ومستشار وزير التربية والتعليم العالي لشؤون المركز التربوي الدكتور نادر حديفي، المفتشة التربوية السيدة لودي النابلسي، منسقة الهيئة الاكاديمية المشتركة الاستاذة رنا عبدالله، وممثلة المديرية العامة للتربية الاستاذة رنا جنبلاط. حضر ايضا رئيس رابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي الاستاذ نزيه جباوي، ورئيس رابطة معلمي التعليم الأساسي الرسمي الاستاذ بهاء تدمري، وممثلين عن المؤسسات التربوية الخاصة، والمكاتب التربوية للأحزاب اللبنانية، وجمع من الاساتذة الجامعيين والتربويين، وممثلين عن المركز التربوي والمديرية العامة للتربية.
عويجان :
بعد النشيد الوطني تحدثت الدكتورة عويجان فقالت :
التربية هي جبهة الدفاع الأولى عن لبنانَ الوطن.
التربية تمكّن أبناءنا من تشكيل ثقافة موحّدة تلم شملنا، ومناعة تربويّة تحصّنُ وحدتَنا. فيَحيا أبناؤنا َ بأمانٍ وهناء واستقلال، ويتمتّعون بالحريّة المسؤولة والمواطنة الفاعلة لنكون أهلاً لاستحقاق هذا الوطن الخالد.
ولأن المركز التربوي يعنى ببناء الانسان والمواطن، تمحورت خطة النهوض التربوي (1994) حول مفاهيم وطنية متعددة، أهم ما ورد فيها: الايمان، الحرية والديمقراطية، العدالة والمساواة والسلام، التضامنِ والتعاون والتفاعل، الأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية، الولاء للوطن والهوية، الثقافة والانتماء، العيش المشترك والانفتاح على العالم وغيرها.
نحن اليوم على أبواب مناهج جديدة. الغايةُ الأولى والأسمى من هذه المناهج إعدادَ مواطنين ملتزمين الولاءَ لهويتِّهم اللبنانيّة أولاً، واعين لواجباتهم الوطنيّة ومدافعين عن حقهم بالعيش معاً على مساحة أرضِ الوطنِ، ساعين يداً بيدٍ لبناءِ دولةِ الحقِّ وتجديدِ العقدِ الاجتماعيّ والسياسيّ، على أسس ثابتة تحفظ الكرامة الانسانيّة وتحترم التنوّع والتواصل البنّاء، وتعزّز المواطنة والعيش معا. فالإنسان قيمة بذاته، عقل وضمير، وكرامة وحريّة وحق! وانطلاقا من هذه القناعة بالضبط، تناول المركز التربوي مشروع التربية على المواطنة العالمية.
إن دخول مفهوم المواطنة العالمية الى مجتمعنا ومدارسنا وعقول أولادنا، بات واقعا حتميا، خاصة مع استصدار القوانين التي ترعى معادلات الشهادات الأجنبية على أرض الوطن. الأمر الذي يحتّم علينا التعمق في دراسة هذا المفهوم وأبعاده والتنبّه إلى الحساسيّات التي يمكن أن تنتج، والى التطابق والتشابه والتعارض بين مفهوم المواطنة اللبنانية والمواطنة العالمية. على قاعدة الدستور اللبناني والقوانين والأنظمة التي ترعى العمل التربوي وتنظمه.
ولفهم مشروع التربية على المواطنة العالمية المدعوم من مكتب الأونسكو والذي تمحورت المفاهيم فيه حول المتعلم المثقف، والمطّلع، والنقدي، والمتواصل اجتماعيا، والمحترم للتنوع، والمسؤول أخلاقيا، قامت الهيئة الأكاديمية المشتركة في المركز التربوي للبحوث والإنماء مع مجموعة من الباحثين التربويين باجراء دراستين. تناولت الدراسة الأولى رصد مدى توافر مفاهيم المواطنة العالمية في مناهج التعليم العام وشملت كل المواد التعليميّة في المراحل والصفوف كافة، أما الدراسة الثانية فتناولت رصد مدى توافر مفاهيم المواطنة العالمية في المناهج الرديفة والبرامج والمشاريع الداعمة للمنهج اللبناني. فجاءت الحصيلة نحو 200 شبكة تحليل تم توليفها لعرض نتائجها عليكم اليوم.
من هذا المنطلق، إن دمج أي مفهوم في المناهج اللبنانية تحت مظلّة المواطنة العالمية أو غيرها، يستوجب أن يراعي طبيعة مجتمعنا ورؤيتنا للعالم، وأن يقارب نظامنا التربوي لأي فكرة يمكن أن يكون لها تأثير سلبي أو يتعارض مع القانون والنظام اللبناني.
إننا نقدر الجهد الذي بذلته لجنة المشروع برآسة الدكتور نادر حديفة وعضوية الأساتذة رنا عبدالله والاستاذة رنا جنبلاط. ونقدر جهد الخبراء الدكتورة نادين فرنجي والسيد فوزي أبو دياب وأفراد الهيئة الأكاديمية المشتركة، بحيث نعتبر التقرير الذي سيتضمن نتائج الدراستين، مرجعا لتطوير المناهج وعصرنتها.
كما نقدر الجهود التي يقوم بها معالي وزير التربية والتعليم العالي لدعم مشاريع المركز التربوي. ونأمل أن ننجح واياكم، أنتم الشركاء والأصدقاء في تبديد القيود ورفع الاقتراحات البنّاءة للوصول إلى إعداد المتعلم المواطن الذي نريد. المتعلّم الملتزم، والمبادر والناشط، والمبدع، والمسائل، والباحث، والمتفكر والناقد، التعاوني والتشاركي، المنتج والمنفتح على العالم، والفاعل في محيطه وفي العالم. متعلّم قادرٍ على التحليلِ والاختبارِ ومحفَّزٍ للتعلّم مدى الحياة، متقنُ لقواعدَ المحاسبة. متعلم مسالم دون أن يكون مستسلما. محافظ على الذاكرةِ الجماعيةِ ، يصونُ التراثَ الوطنيَّ ويسعى إلى تطويرِ الحضارة العالمية. مواطن مسائل، يرفض الفساد والعنف والجهل، وينشط في سبيل إرساء منظومة من الشفافيّة، تعزّز الحوار البنّاءَ والديمقراطيّةَ والسلامَ المجتمعيَّ والسياسيَّ والوطنيَّ.
وعليه، يتطلّع المركز التربوي من خلال تطوير المناهج اللبنانية نحو مناهج تفاعلية تلبّي هذه المتطلّبات من خلال تحديد ملامح متعلّم الغد، ابن عصر التواصل والانفتاح والعولمة.
أخيرا وليس آخرا، ولأن "بالتربية نحمي وطننا"، نحن ماضون في ورشة بناء المسقبل الوطنيّ. يقودُنا التزامٌ راسخٌ، ثابت ومتينٌ بالقيم الوطنيّة.
جاي كيم :
ثم تحدث رئيس مكتب البحث والتطوير في ال APCEIU Mr. Jay Jaehong Kim فشرح طبيعة المشروع وعرض تجارب لدول في العالم شهدت نزاعات داخلية وحروبا مع جيرانها وعملت بعد ذلك على اعتماد برامج للمواطنة من اجل جمع المواطنين المتنوعين في الداخل او حول عناوين وهواجس مشتركة للشعوب المتجاورة وذلك من اجل الإعتراف بالآخر المختلف وحل النزاعات سلميا. واشار إلى ان الموضوع انطلق من النقاش الداخلي ومن تطوير المناهج التربوية وتدريب المعلمين، من الحفاظ على التعددية والتنوع داخل الوطن الواحد وتحقيق التنمية الوطنية والإنطلاق من المواطنة الصحيحة في الداخل إلى احترام المواطنة في الكرة الأرضية.
حديفي :
ثم تحدث رئيس لجنة المشروع الدكتور نادر حديفي فرحب بالضيوف والخبراء والحضور ناقلا إليهم تحيات الوزير أكرم شهيب واهتمامه ودعمه لهذا المشروع، مؤكدا انه مشروع لا يلغي هويتنا الوطنية وانتماءنا العربي والتزامنا الكامل بالمفاهيم العامة وبمقتضيات الدستور اللبناني. واشار إلى انه يمكن التوصل إلى دمج بعض مفاهيم المواطنة العالمية في مناهجنا الوطنية في خلال مرحلة تحديثها وتطويرها، وذلك بما يتناسب مع دستورنا وثوابتنا الوطنية.
تقديم المشروع :
وعرضت ممثلة المديرية العامة للتربية الاستاذة رانا جنبلاط لمحة عامة عن المشروع وتطرقت إلى الخطوات المتبعة من تشكيل اللجنة إلى عقد ورش العمل وإجراء المسح بشمولية تامة تناولت كل المواد الدراسية والحلقات والصفوف، وذلك ضمن معايير محددة من الأونيسكو، وتم استخلاص مدى وجود مفاهيم المواطنة العالمية في المناهج اللبنانية، ليصار إلى إعداد تقرير مفصل ومشاركته مع مركز آسيا والمحيط الهادىء للتعليم من اجل التفاهم الدولي .
ثم قدمت الخبيرة التربوية اللبنانية الدكتورة نادين افرنجي عرضا عن الإطار العام والإطار النظري للمواطنة العالمية بحسب الأونيسكو، وشرحت خطة العمل انطلاقا من تجميع المواد المتشابهة، وتحليل نتائج توافر المصطلحات وفاقا للمجالات الثلاثة المعرفية والاجتماعية العاطفية والسلوكية انطلاقا من منهج الروضة الأولى مرورا بمنهج جميع مواد مرحلة التعليم الأساسي وصولا إلى جميع مواد المرحلة الثانوية. وعرضت المواد الدراسية وذلك للكشف عن مدى توافر عناصر المواطنة العالمية المتوفرة في الدليل الخاص باليونسكو في هذه المصادر التربوية، مع الاشارة الى إعداد مسودة تقرير على اساس نتائج هذا المسح.
كما قدمت منسقة الهيئة الاكاديمية المشتركة الاستاذة رنا عبدالله المنهجية والمقاربة التي اعتمدتا في دراسة الواقع. بدءا من خطة النهوض التربوي وصولا الى مناهج التعليم ما قبل الجامعي، والمناهج الرديفة والبرامج الداعمة التي تلتها لدراسة توافر مفاهيم المواطنة العالمية فيها. كما تطرأت الى برامج التدريب المستمر ومواصفات الأبنية المدرسية والتجهيزات الصفية ومخرجات ورش العمل المرتبطة بتطوير المناهج.
وشرح الخبير التربوي فوزي بو دياب نتائج الدراسة التي شملت المناهج الرديفة والداعمة مشيرا إلى العديد من العناوين والمحاور مثل المواطنة الحاضنة للتنوع الديني، والتربية الصحية، والصحة الإنجابية، ومسح المصطلحات والسمات، ودائما ضمن المجالات المعرفية والعاطفية والسلوكية، ولاحظ ان غالبية مضامين هذه المنطلقات تتناسق في معظمها من حيث الشكل مع ما تضمنته الوثيقة المعتمدة من الأونيسكو.
ومن المقرر أن يصدر المركز التربوي تقريرا نهائيا عن توصيات الورشة في وقت لاحق.
3-10-2019