عبّر المركز التربوي للبحوث والإنماء عن ارتياحه للاهتمام الذي يوليه جميع المهتمين برفع المستوى التربوي، وذلك رداً على ما يتم تداوله من قبل عدد من الناشطين عبر وسائط التواصل الإجتماعي معلومات ونتائج دراسات دولية مثل دراسةPISA و دراسة TIMSS المتعلقة بقياس معدلات تحصيل التلامذة بحسب متغيرات مرتبطة بالمنظومة التربوية في لبنان.
ودعا المهتمون بهذه النتائج من تربويين وباحثين وطلاب دراسات تربوية إلى العمل على تحسين أداء المعلمين وتطوير مناهج إعدادهم وتدريبهم من أجل رفع مستوى اداء تلامذة لبنان في هذه الإختبارات.
ولفت النظر إلى أن المركز يعمل بالتعاون مع المعنيين في القطاعين التربويين العام والخاص ومع كلية التربية في الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة المهتمة بالتربية ، وبرعاية ودعم من وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، على تطوير المناهج وعصرنتها وترشيقها، من أجل تمكين المتعلمين والمعلمين من مواكبة العصر والنجاح في الاختبارات الدولية على غرار الاختبارين المذكورين المخصصين لقياس التحصيل التعلمي وتحديد درجة الأداء في مواد محددة وفي صفوف ومراحل تربوية معينة، وبالتالي اتخاذ القرارات الصائبة من جانب الإدارة والمركز التربوي لتحسين نوعية التعليم.
يهم المركز التربوي للبحوث والإنماء وهو المعني مباشرة بالإشراف على هذه الدراسات توضيح ما يلي:
أن منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية تدير OECD دراسة PISA منذ العام 1997 ويعتبر هذا البرنامج من أكبر الدراسات الدولية في مجال التربية والتعليم في العالم، إذ تشارك فيه أكثر من سبعين دولة ممثلة ما يقارب الـ 90 بالمئة من الاقتصاد العالمي. يستخدم الباحثون وصانعو السياسات التربوية نتائج الـPISA باعتماد المعايير الدولية لرسم التطور التربوي الوطني ومقارنته مع نتائج الدول المماثلة والمنافسة له في عالم الاقتصاد. يتوجه هذا البرنامج إلى التلامذة في سن الخامسة عشرة من العمر بغية قياس مدى قدرتهم على حل مشكلات مرتبطة بالواقع المعيشي مستخدمين المعارف والمهارات المكتسبة في ثلاثة مجالات محددة : القراءة والرياضيات والعلوم، إضافة إلى التعبير عن مواقفهم في شكل واضح تجاه هذه المشكلات. فهو يقيّم التلامذة في مهارة حل المشكلات في المجالات المذكورة من دون التركيز على محتوى المناهج الدراسية المتعلقة بها، بل من خلال التركيز على المعارف والمهارات الأساسية التي يحتاجها التلامذة في حياتهم. ويهدف هذا البرنامج إلى قياس مدى استعداد هؤلاء التلامذة ممن هم على وشك إتمام تعليمهم العام أو المهني أو الانخراط في سوق العمل لمواجهة تحديات مجتمعاتهم. ويقيّم هذا البرنامج كفايات التلامذة في مواجهة التحديات وتنفيذ المهمات اليومية مستخدمين معارفهم وقدراتهم ومدافعين عن مواقفهم بأسلوب علمي ومنطقي وجدلي لكي يصبحوا قادرين على تقييم اختياراتهم وقراراتهم.
شارك لبنان للمرّة الأولى في هذه الدراسة في مرحلتها التجريبية سنة 2014 وفي مرحلتها الأساسية سنة 2015 ولقد أشرف المركز التربوي على تنفيذ هذه الدراسة في لبنان. ومن خلال مشاركته سعى المركز إلى نشر الوعي حول ماهية هذه الدراسة وما يتم تقويمه. ومن أجل ذلك قامت اللجنة التنفيذية بورش عمل عديدة في كل المحافظات للمدارس ضمن عينة الدراسة حول الإطار العملي للـ" PISA Mathematical Literacy and Reading and PISA Frameworks in Scientific Literacy ” أي في كل من الثقافة العلمية والرياضيات والقراءة بالإضافة إلى توزيع نماذج من الأسئلة على المدارس المشاركة بغية تدريب المتعلمين على نمط الأسئلة في دراسة الـPISA وذلك في خلال مرحلتي الدراسة.
في هذه الأثناء بدأ المركز بدراسة فعلية لواقع لبنان بالنسبة لمتطلبات هذه الدراسة على صعيدي المحتوى العلمي المطلوب والكفايات التي يجب أن يلم بها التلامذة للحصول على مستويات متقدمة من التحصيل العلمي . وتبين منذ اللحظة الأولى وجود هواجس كبيرة وخصوصا عندما تمت مواءمة متطلبات المنهج المعتمد في هذه الدراسة في كل من مواد العلوم والرياضيات والقراءة مع ما توفره مناهجنا في الحقيقة وخصوصًا في ضوء المواضيع التي كان متوقفًا العمل بها في القرار القديم.
قدمت اللجنة الموكلة تنفيذ هذه الدراسة هذه الهواجس والتوصيات إلى رئيسة المركز التربوي الدكتورة ندى عويجان والتي بدورها وضعت هذا الأمر على نار حامية وخصوصا بعد الأخذ في الإعتبار التوصيات الناتجة عن تقرير الTIMSS 2011 وتلاقت الهواجس نتيجة هذه الدراسات ، ووضعت كل هذه الدراسات ونتائجها المتوقعة على جدول أعمال ورش عمل تطوير المناهج ، وأخذت في الإعتبار عند تحديد الأولويات وخصوصا بما يرتبط بالمحتوى وتحديد Pedagogic Approach of the curriculum.
ولكن بسبب التأخر في إطلاق عملية تطوير المناهج أحسن المركز التربوي بضرورة التحرّك بالمتوفر أي على مبدأ “جود بالموجود” فقام بدعم من وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب بورش عمل أوليّة لدراسة الواقع على ثلاث مستويات واقتراح الأنسب، وذلك
قام المركز بخطوات عملية فعلية تواكب التوصيات التي نتجت عن دراسة TIMSS 2011 وسبقت التوصيات التي ستصدر عن تقرير اـلـPISA الوطني كونه استدرك هذه الثغر التربوية في خلال تطبيق الدراسة وبدأ فعلًا بإيجاد الحلول لها ضمن المستطاع.
لقد تم إطلاق النتائج العالمية لدراسة PISA 2015 في السابع من الشهر الحالي في باريس والآن يقوم المركز بالتحضير للقاء تربوي يعرض فيه هذه النتائج والهواجس وكيف استدرك المركز تأثيرات هذه الهواجس وبدأ برسم الخطط لتطوير المناهج كما بدأ بخطوات عملية (ذكرت سابقًا) بانتظار تطوير المناهج .
ويهم المركز التربوي تذكير جميع التربويين والمتابعين والمهتمين الحرصاء على رفع المستوى التربوي وأداء المعلمين والمتعلمين ، أن التغيير في التربية هو عملية بطيئة ولكنها مدروسة وتراكمية ، وبالتالي فإن ما نزرعه اليوم نحصده بعد سنوات ، مما يعني أن نتائج كل تطوير تربوي تستلزم تطوير المناهج وتدريب المعلمين في الخدمة وتقييم نتائج التدريب وقياس المخرجات ومواءمة مناهج إعداد المعلمين مع التطوير الحاصل في المناهج وطرائق التعليم . وهذه الأمور حاضرة في كل اجتماع وكل قرار على اعتبار أن المعنيين يعون دقة الموضوع ويعملون بتناغم في ما بينهم من أجل بلوغ الهدف الذي نعمل لأجله جميعا وهو إعداد متعلم قادر علميا وثقافيا على مواكبة عصره بكل جدارة وثقة .