أطلق رئيس المركز التربوي للبحوث والانماء الأستاذ جورج نهرا ومدير المركز الثقافي البريطاني دايفيد نوكس أنشطة "المواطنيّة الفاعلة" الموجهة إلى المعلمين والمتعلمين في التعليم الأساسي، والتي تم إعدادها بواسطة خبراء في الهيئة الأكاديمية في المركز التربوي للبحوث والإنماء بالتعاون مع فريق عمل متخصص في المواطنية الفاعلة من جانب المركز الثقافي البريطاني.
وللمناسبة، أقيم احتفال في قاعة المحاضرات في مبنى المطبعة في سن الفيل في حضور مدير المركز الثقافي البريطاني السيد ديفد نوكس وفريق عمله في لبنان وفي لندن عبر تطبيق ميكروسوفت تيمز من جهة، ورئيس المركز التربوي للبحوث والإنماء الأستاذ جورج نهرا مع عدد من روؤساء الاقسام الأكاديمية وعدد من التربويين والمتخصصين من الأقسام التربوية في المدارس الخاصة في لبنان.
نهرا:
بعد النشيد الوطني تحدث نهرا فقال: "إن مادة التربيّة الوطنية والتنشئة المدنيّة هي مادة تفاعلية لجهة أهدافها ومضمونها وطريقة عرضها، وتستوجب حركةً دائمة تواكب كل ما يصيب الوطن والمجتمع من تطوّرات أو متغيرات".
أما التربية على المواطنية الفاعلة، فهي خطُّ الدفاع الأولّ عن هذا الوطن. والسؤال الملحُّ الذي يطرح نفسه هو: "أين مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنيّة التي ندرِّس اليومَ من هذا المفهوم؟".
وتابع نهرا : إزاء جدية السؤال، كان سعيٌ لبناء صلةٍ بين المفهومين من خلال المعطيات المتوافرة...
وكان انطلاقٌ من منهج مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية، الذي أريدَ له أن يكون كتابًا وحيدًا وموحّدًا لكل لبنان، كيف لا ووحدة الوطن "من وحدة التربية الوطنيّة" بحسب وثيقة الوفاق الوطني.
واستنادا أيضًا إلى ورشة تطوير المناهج التعليمية القائمة في المركز التربوي للبحوث والانماء نحو مناهج تفاعلية، كما إلى مذكرة التفاهم بين المركز التربوي للبحوث والانماء والمركز الثقافي البريطاني... معطيات أفضتْ إلى وضع مجموعةٍ من أنشطة صفيّة، تتخّذ شكل أعمال تطبيقية خاصّة بـالمواطنيّة الفاعلة، تواكبُ مادة التربية الوطنيّة والتنشئة المدنيّة في التعليم الاساسي، وتساند في تطوير تعليمها.
وختم نهرا : "على هذا النحو، نستطيع أن نقدّم مفهومًا جديدًا للمواطنيّة، يعبّر عن صدق الانتماء والإخلاص للجماعة التي ينتمي إليها المواطن والتي تتمثّل في تعزيز حق كل أفراد المجتمع في حياة كريمة، من خلال إدراج المواطنية الفاعلة في مادة التربية الوطنيّة والتنشئة المدنية، وصولًا لتمكين جميع المتعلمين من التظلل بمجتمع أكثر عدالة وشمولاً، يحقّق الحياة الكريمة للجميع.
نوكس:
ثم عرض مدير المركز الثقافي البريطاني السيد ديفد نوكس، أهمية مشروع المواطنية الفاعلة من خلال أنشطة ودمجها في مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية. هذا العمل هو نتاج شراكة بين المجلس الثقافي البريطاني من جهة والمركز التربوي للبحوث والإنماء من جهة ثانية. وهذه الشراكة قائمة على العمل في برنامج "المواطنون الفاعلون" منذ أكثر من 10 سنوات في لبنان وفي 80 دولة حول العالم تقريبًا.
وتابع نوكس، هنا في لبنان وعلى مدى السنوات العشر الماضية، شارك مواطنو لبنان الفاعلون في أكثر من 150 مشروعًا للعمل الاجتماعي في كل مناطق لبنان وبالتعاون مع مختلف الجهات المعنية: "ففي عام 2020، استجاب المواطنون الفاعلون لانفجار مرفأ بيروت من خلال تنظيم أعمال الإغاثة و"خدمات التنظيف".
وختم نوكس، بما أن الناس يتعاملون مع القضايا المحلية من خلال مشاريع العمل الاجتماعي، يمكن الشعور بالتأثير المضاعف على المستوى الإقليمي والوطني والعالمي. ويمكن أن يصبح هذا التأثير هائلاً وهذا هو سبب سروري لرؤية ذلك مدمجًا في المناهج الدراسية منذ سن مبكرة لتنشئة مواطنين شباب فاعلين في كل أنحاء لبنان.
أبي عسّاف:
بعد ذلك، عرضت رئيسة قسم التربية الوطنية والتنشئة المدنية ومنسقة مشروع التربية على المواطنية، الدكتورة بلانش أبي عسّاف لمسار المشروع، وانطلقت من توصيف المناهج الصادرة في لبنان في عام 1997، والهدف منها تعزيز الانتماء الوطني والانفتاح الثقافي، فكانت مادّة التّربية الوطنية والتنشئة المدنيّة مادّة جديدة هدفًا ومضمونًا، وطريقة عرض وتقديم، ومنهجيّة تكامل بين المدرسة والأهل والمجتمع، وطريقة عرضها فيجب أن لا تكون شرحًا من المعلّم واستماعًا وقراءة من المتعلّم، بل هي مهارة وممارسة، وتتحقق لديه القناعة بالمضمون الوطني والسّلوك المدني.
وتابعت د. أبي عسّاف
بيد أنَّ كلًّا منّا يدرك وجود فجوة واسعة تباعِد بين الأهداف المعلنة لبرنامج مادّة التّربية الوطنيّة والتّنشئة المدنية والتّنفيذ الفعلي لها. ويعود ذلك إلى العديد من المعوقات نذكر منها على سبيل المثال:
قصور أساليب وممارسات التّعليم المعتمَدة بعيدة عن مقاربة المهارات اللازمة للمواطنيّة العصرية،
اقتصار تدريس التّربية الوطنيّة إلى حدّ كبير على التّلقين، ما يقصيها عن عملانية الممارسة.
افتقار المعلّمين عامّةً، إلى التّدريب والدعم اللازم للتصدّي لمهمة تثقيف الشباب بالتّربية على المواطنيّة الفاعلة.
غياب فرص وضع الدروس والأنشطة الصفيّة واللاصفّية موضع التطبيق العملي، داخل المدارس وخارجها، ما يحرم المتعلّمين من خبرات المواطنيّة الفعلية ويعيق تنمية مهاراتهم وسلوكهم الوطني.
من هنا كانت نقطة التلاقي بين مادّة التّربية الوطنيّة والتنشئة المدنية، كما وردت في مناهج 1997، ومشروع أنشطة المواطنيّة الفاعلة. والهدف من ذلك نقل مادّة التّربية الوطنيّة من مادّة تلقينية إلى مادّة نشطة محبّبة لدى المتعلّم. وهكذا يكون مشروع التّربية على المواطنيّة الفاعلة قد أرسى ثقافته، دون التعرض لمعاني مادّة التّربية أو المسّ بأهدافها، ونواتجها المعرفيّة، وأنماط السّلوك، والقيم المتوقّع إكسابها للمتعلّم المواطن.
للخروج من هذه البيئة التلقينيّة التي طبعت مادّة التّربية الوطنية والتّنشئة المدنيّة، تمّ إدماج مفاهيم المواطنيّة الفاعلة في محاور وفصول هذه المادّة، عبر أنشطة وُجّهت إلى المتعلّمين في التّعليم الأساسي، ونفّذها المركز التربوي للبحوث والإنماء - قسم التّربية الوطنية والتنشئة المدنيّة بالتّعاون مع المجلس الثقافيّ البريطاني على مدى ثلاث سنوات.
مثّل المجلس الثقافيّ البريطاني فريق عمل وخبراء لهم خبرة في المواطنيّة الفاعلة وهم (أ. اندي تورنتن و أ. مرغريت هيث بالإضافة إلى مواكبة الآنسة كارمن ترزيان التي لها الأثر الطيّب في المعاملة) من جهة. وضمّ فريق خبراء المركز التربوي للبحوث والإنماء قسم التّربية الوطنية والتنشئة المدنية ممثّلًا برئيسته د. بلانش أبي عسّاف منسقاً، بالإضافة إلى أقسام أخرى في المركز، نذكر منها قسم اللغة الإنكليزية ممثّلًا برئيسته السابقة وهي سفيرة قائدة لجائزة المدرسة العالمية ألتي أطلقها المجلس الثقافي البريطاني السيدة. ساميا أبو حمد، وقسم الخدمات النّفسية الاجتماعيّة ممثّلًا برئيسته أ. سيدة فرنسيس، وقسم الروضة ممثّلًا برئيسته القارئة اللّغوية والخبيرة في المرحلة الابتدائية أ. سيدة الأحمر من جهة ثانية.
وختمت د. أبي عسّاف، نحن ننتظر من معلّمي مادّة التّربية الوطنيّة والتّنشئة المدنيّة أن يكونوا المواطنين الفاعلين وصُنّاع التّغيير، أن يُحْدِثوه بأنفسهم، لا أن ينتظروا حصوله؛ أن يكونوا الأقوياء بقيمهم والملهمين بها، المندفعين، المحفِّزين والقادرين على إحداث فرق وعلى تحويل المبادىء إلى فعلٍ يومي وممارسات مقنِّعة.
وفي نهاية الاحتفال، تم أخذ الصور التذكارية.