18تموز 2018
افتتحت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ندى عويجان ورشة عمل تمتد لخمسة أيام تحت عنوان :"نحو إستراتيجية تقويم وطنية"، وذلك في قاعة المحاضرات في مبنى مطبعة المركز التربوي في سن الفيل، في حضور ممثلين عن وزارة التربية، والتفتيش التربوي، والمؤسسات التربوية الرسمية والخاصة، ونقابات وروابط المعلمين والأساتذة، والجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة والبنك الدولي، ومشروع "كتابي"، وجمع كبير من التربويين والخبراء والباحثين من القطاعين الرسمي والخاص.
بعد النشيد الوطني وتقديم وتعريف في منسقة الهيئة الأكاديمية المشتركة في المركز التربوي رنا عبد الله، تحدثت رئيسة المركز التربوي الدكتورة ندى عويجان فقالت :
إن إجتماعنا اليوم في المركز التربوي حول موضوع التقويم، هو دليل عافية على أن الإرادة الطيبة والإندفاع نحو التطوير والتحسين التربوي ما زال موجوداً. إذ أن البعض يسأل لماذا هذه الورشة ولماذا هذا الموضوع، والإجابة على هذه التساؤلات هي أن المحطة الأولى في هذا السياق بدأت في آذار من العام 2015 مع إنعقاد مؤتمر "كلنا للعلم"، حيث تحول المركز التربوي منذ ذلك التاريخ إلى خلية نحل، وهو يتابع إلتزامه بدوره في تطوير التعليم في لبنان.
لقد مرت ثلاث سنوات على الإنطلاق في فكرة تطوير المناهج، تم في خلالها إنجاز الكثير من التحضيرات، وقد تم الإعلان عن بعض مفاصل هذه التحضيرات فيما لم نعلن عن بعضها الآخر. وذلك في ظل عدم وجود دعم للقيام بهذه الورشة.
وأود في هذه المناسبة أن أحيي جميع العاملين والملحقين بالمركز التربوي على الجهود الجبارة التي قاموا بها على الرغم من الضغوط المادية والمعنوية التي كانت موجودة. وتساءلت لماذا تبقى السياسة التربوية والقضايا التربوية بعيدة عن أولويات الحكومة، سيما وأنها هي السبيل إلى بناء شخصية الإنسان وتكوين المواطن، ولماذا يتم وضعها بعد الكهرباء والطرق والإعمار فيما أن بناء الإنسان يبدأ ببناء المواطن.
وأود أن أعبر عن الأسف من أننا لا نزال ننتظر أموال الهبات والقروض الدولية لتطوير مناهجنا، فيما نتمنى أن تخصص الدولة من موازناتها إعتمادات للتربية.
أضافت: من المهم أن تعلموا أن الكثير من ورش العمل قد عقد داخل المركز ومنها تشاركية ومنها كانت على شكل لجان مصغرة جعلتنا نصل مع الكثير منكم لمرحلة متقدمة جداً خصوصا بموضوع سمات المتعلّم، وإن هذا الأمر جعلنا نخطو نحو هذه الورشة.
إن لهذه الورشة أبعاداً ثلاثة من حيث الأهداف، إذ أنها تتضمن أهدافاً قريبة المدى (توصيف إمتحانات 2019)، وأهدافاً متوسطة المدى (دراسة واقتراح مجموعة من الكفايات المتقاطعة والكفايات الخاصة بالمادة)، وأهدافاً بعيدة المدى (المساهمة في بناء استراتيجة وطنية للتقويم).
من أجل ذلك سميت الورشة بــ "نحو استراتيجية تقويم وطنية" على اعتبار أن التقويم في النظام التعليمي، هو موضوع كبير وشائك وله أبعاد تتناول عملية التعليم والتعلّم وجميع عناصرها ومكوناتها، كما تتناول الإدارة التربوية وجميع العاملين لمصلحة النظام التعليمي، إضافةً إلى الأبنية المدرسية والتجهيزات الصفية والبيئة المدرسية وغيرها. لذلك فإن توصيف الإمتحانات الرسمية وكل ما سينتج عنها، تتناولها هذه الورشة من خلال توجهات وتوصيات سوف توجهنا نحو استراتيجية تقويم وطنية.
إن هذه الورشة تتناول تقارير علمية تتعلق بنتائج الإمتحانات الرسمية ونتائج الإختبارات الدولية PISA و TIMSS.
كما تتناول عرضاً سريعاً لإشكاليات التقويم وللتوجهات المستقبلية والخبرات العالمية، وسعياً إلى إيجاد لغة مشتركة، وتوصيف للإمتحانات الرسمية للشهادتين المتوسطة والثانوية، وفتح المجال لورشة عمل أخرى متخصصة تعنى بالتقويم لدى المتعلمين من ذوي الصعوبات التعلّمية والحاجات الخاصة.
لقد كان لهذا العمل إيجابيات عديدة أهمها أنه قرّب وجهات النظر وفتح المسارات بين المسؤولين عن المواد، إذ أن اللجان التي كانت تجتمع كلها وتسمع مشاكل وهواجس بعضها البعض أصبحت على تواصل فعّال بصورة أكبر.
في خلال التحضير للورشة واجهتنا تحديات عديدة وتساؤلات حول ما إذا كانت مناهجنا قد بنيت على الأهداف أم على الكفايات؟ وإلى أي مدى تزامن وضع أسس التقويم وأدلة التقويم مع وضع الإطار العام لمناهج 1997 ومع هندسة هذه المناهج في وقت لاحق.
جميعنا يعلم أنه يوجد أشياء ضاعت، وأن هناك أهدافاً لم تتحقق، فنحن نقف بين الماضي والحاضر والمستقبل. بين الماضي المكبّل بقوانين ومراسيم وقرارات، والحاضر والمستقبل الذي فيه الكثير من التحديات والهواجس.
أولها، تحدّي الحصول على تمويل لا يحد لنا من حريتنا في اختيار أولوياتنا، وتحدي اتخاذ قرارات وطنية، جدية وحكيمة تشبهنا وتشبه مجتمعنا.
إن تطوير مناهجنا يعني تطوير ثقافتنا، معارفنا، طريقة حياتنا، ميولنا، مواقفنا ومصيرنا.
إن تطوير مناهجنا يعني أيضاً التصدي للعولمة المدمرة، لكي لا تجتاح بلدنا وتدخل عقول أولادنا وتأخذهم إلى اللا انتماء واللا إنسانية.
إن تطوير مناهجنا لا يعنيني أنا وأنتم فقط، بل يعني كل انسان لبناني مؤمن بلبنان الوطن الحر المستقل لجميع أبنائه.
فبالتربية نبني معاً، هذا هو شعارنا، التعاون والمشاركة. ويبقى المركز التربوي للبحوث والإنماء مثل طائر الفينيق يحترق أو يحرقونه ولكنه في كل مرة ينبثق من رماده طائر فينيق جديد ومتجدد.