في سياق ورشة تطوير المناهج التربوية في لبنان، شهد ميدان العلوم في المركز التربوي للبحوث والإنماء نقاشات موسعة بين منسقي الحقول التخصصية وأعضاء اللجان الأكاديمية، بهدف إنتاج الكفايات والنواتج التعليمية المرتقبة وفق مقاربة الكفايات ومصفوفة المدى والتتابع، وذلك بعد انتظار طال سنوات لتحديث المناهج الرسمية.
د. فضل موسوي، منسق ميدان العلوم، أشار إلى أن هيكلية ميدان العلوم الجديدة تتضمن "العلوم المدمجة في المرحلة الأساسية"، يليها تفرّع إلى الاختصاصات في المرحلة الثانوية، مؤكدًا أن "التحوّل في المناهج الجديدة لا يقتصر على تقديم العلوم كمفاهيم، بل ننتقل إلى تعليم العلوم كممارسة، كمبادرة، كمسؤولية اجتماعية، مع تركيز خاص على الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة". وأضاف: "نطمح إلى إثارة شغف البحث، والسؤال، والاستقصاء العلمي لدى الطلاب، والتخلّي عن النمط التلقيني التقليدي".
أ. رنا عبدالله، منسقة لجنتي علوم الحياة والأرض والعلوم المدمجة، أوضحت أن العمل جارٍ على تطوير "بروفايل متعلّم: عالم وباحث مبدع" قادر على إنتاج المعرفة العلمية وتوظيفها في حل المشكلات الحياتية من ناحية و"بروفايل متعلم: مستهلك مطلع" قادر على التحقق بشكل نقدي من الادعاءات العلمية في محيطه المجتمعي مما يعود بالنفع على تقدم العلوم والمجتمع على حدٍ سواء . وتابعت: "نواجه تحديًا في نقل التعلّم من البيئة الصفّية إلى وضعيات حياتية واقعية، لنُخرج المتعلّم من حيز التلقين إلى كونه فاعلاً في حياته اليومية ومنخرطا في الممارسات العلمية المدعومة بالقيم والأخلاقيات".
من جهته، شدّد د. أسعد يمين، منسق حقل علوم الحياة والأرض من الحلقة الرابعة إلى نهاية المرحلة الثانوية، على أن مقاربة الكفايات تمثّل "نقلة نوعية في المناهج، لأنها تبتعد عن نقل المعرفة النظري وتتيح مواجهة الطلاب بمواقف حقيقية تُنمّي مهاراتهم وتُعطي معنى لتعلّمهم". وأوضح أن الكفايات التي تُنمّى تهدف إلى "إعداد أفراد علميين، مستقلين، متفكرين، وقادرين على التعلّم مدى الحياة"، مشيرًا إلى أن الفريق العامل يضم مجموعة من الخبراء في المجال العلمي.
وفي السياق نفسه، رأت د. أنجا عثمان، منسقة حقل العلوم المدمجة، أن مقاربة STEAM (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، الفنون، والرياضيات) تسهم في "تعزيز مهارات الابتكار، التعاون، التواصل، والتفكير النقدي لدى المتعلّمين"، وتُعدّ مهارات حياتية أساسية لسوق العمل أيضًا، لا تُختصر فقط في تعليم العلوم كمادة أكاديمية.
أ. لما فقيه، عضو في لجنة علوم الحياة والأرض، شددت على أهمية اعتماد المفاهيم الموحدة والمهيكلة في بناء الكفايات المستعرضة والخاصة، "بما يُمكّن المتعلم من فهم المواضيع الطبيعية الحياتية على المستويين العام والوظيفي".
أما أ. عبير بشارة، عضو لجنة العلوم المدمجة، فلفتت إلى أن المنهج الجديد "يوظّف معارف ومهارات الكيمياء والفيزياء والبيولوجيا لإيجاد حلول للقضايا البيئية والصحية، من منطلق دمج العلم بالواقع الاجتماعي، مع مراعاة التنمية المستدامة وتطويرالكفايات المستعرضة.
تُظهر هذه النقاشات التربوية أن منهج العلوم الجديد في لبنان يطمح لإحداث تحوّل جوهري في طريقة تعليم العلوم، عبر تنمية مهارات حقيقية وتأسيس متعلّمين ناقدين وفاعلين في مجتمعاتهم، في ظل رؤية أوسع لتعليم يواكب تطوّرات القرن الحادي والعشرين.