عقد وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي سلسلة اجتماعات عمل في زيارته الأولى للمركز التربوي للبحوث والإنماء في الدكوانه، استهلها بلقاء مع رئيس المركز التربوي جورج نهرا، في حضور رؤساء المكاتب والوحدات والدوائر والهيئة الأكاديمية التي تضم رؤساء أقسام المواد ومديري دور المعلمين والمعلمات ومراكز الموارد والمستشارين وعائلة المركز التربوي من تربويين وإداريين وفنيين.
ورافق الحلبي في الزيارة مديرة مكتبه رمزا جابر والمستشار الإعلامي ألبير شمعون، وكان في استقباله بالاضافة الى رئيس المركز المديرة الإدارية إيما أبو ديوان، المستشار التربوي لرئيس المركز الدكتور جهاد صليبا، رئيسة مكتب الإعداد والتدريب رانيا غصوب، رئيسة مكتب البحوث التربوية الدكتورة غيتا حنا، منسقة الهيئة الأكاديمية رنا عبد الله، منسق الوحدات الفنية السيد باسم عيسى، المستشار لشؤون التكنولوجيا الدكتور هشام خوري، المنسقة العامة لتنفيذ خطة تطوير المناهج الدكتورة بريندا غزالة، ورئيس دائرة المحاسبة وائل قازان.
وتحدث رئيس المركز التربوي فقال: "معالي الوزير حللتم، أهلا في مكان أنتم أهلُه، ووطئتم سهلا عتبة اشتاقت لمسؤول يجمع الإسم والصفةَ، ويحمل الود والمودة، وزاد الفكر والتخطيط، وبعد النظر وسلامةَ الرؤية. إنَنا نعتبر أنفسَنا، كلبنانيين بشكلٍ عامٍّ وكمركزٍ تربويٍّ بشكلٍ خاصٍّ، محظوظينَ جدًا بِتوليكُمْ وزارةَ التربيةِ والتعليمِ العالي، لِما نعرِفُهُ منْ متينِ قدراتِكُمْ، وساطِعِ مؤهَّلاتِكُمْ، وعالي ثقافتِكُم، ونبيلِ مواقِفِكُمْ مِنَ التربيةِ وأهلِها. وإنَّنا، إذْ نثمِّنُ زيارتَكُمْ غيرَ التقليديَّةِ للمركزِ التربويِّ، وحرصَكُمْ على مقابَلةِ رؤساءِ المكاتبِ والوحَداتِ والأقسامِ والدوائر فيهِ، للاطلاعِ منهمْ، بشكلٍ مُباشَرٍ، على ما أنجزوهُ، لا سيَّما في هذه الفترةِ العصيبةِ التي نمرُّ بها، أو للاستماعِ إلى هواجِسِهِمْ في ظلِّ المُعطَياتِ المُلزِمَةِ التي تقيِّدُهُمْ، أوْ إلى توقُّعاتِهِمْ مِنَ الوزارةِ الجديدةِ، نعاهِدُكُمْ أن نعمَلَ بتوجيهاتِكُم، وعلى قدمٍ وساقٍ مَعَ توجُّهاتِكُمْ، للمساهمةِ في الخروجِ مِنْ دوَّامةِ التَّراجُعِ التربويِّ التعليميِّ والتعلُّميِّ، وفي حضِّ الأفرقاءِ الفاعِلينَ كافَّةً في حقلِ التربيةِ، ودعمِهِمْ للسيرِ قدُمًا في خطى التعافي التربويِّ، وتوفيرِ المستلزماتِ التي مِن شأنِها الدفعُ باتجاهِ إنجاحِ العودةِ إلى الحياةِ المدرسيَّةِ الطبيعيَّة، بعد طول انقطاع".
أضاف: "إنَّنا إذ تتمثلُ مهمتُنا، كمركزٍ تربويٍّ، في الاستجابةِ للحاجةِ، في مجالِ التربيةِ، إلى وجودِ "رأسٍ مفكِّرٍ" أو هيئةٍ مركزيَّةٍ يمكنُها تولِّي المسؤوليَّةَ عنِ الجوانبِ التعليميَّةِ والتكنولوجيَّةِ، وكذلكَ عنْ كلِّ ما يتعلَّقُ بالتنميةِ والتطوُّرِ في هذا القطاعِ، نتعاملُ راهِنًا مع الأمورِ التربويّةِ كافَّةَ، وعلى وجهِ الخصوصِ مع المهامِ الآتية: تطويرِ المنهاجِ الوطنيِّ وتنفيذِهِ وفقَ المعاييرِ الدوليَّةِ وحاجاتِ المجتمعِ اللبنانيِّ وتطويرِ المشاريعِ التعليميَّةِ لمراحلِ التعليمِ ما قبل الجامعيِّ المختلفةِ، ومراقبةِ مدى تنفيذِها، دراسةِ البرامجِ التعليميَّةِ الحاليَّةِ وتقييمِها، وإثراءِ طرقِ التدريسِ، مِنْ خِلالِ الأبحاثِ التربويَّةِ، والتأكُّدِ مِنْ تطبيقِها في نظامِ التعليمِ، وإعادة النظر في الخطط التعليميَّة الموضوعة، والمشاركةِ، عمومًا، في اللِّجانِ العامِلَةِ في مجالِ التخطيطِ العامّ".
وتابع: "لقدْ قمنا أخيرًا، على مستوى البحثِ التربويِّ، بوضعِ استراتيجيّةٍ بحثيَّةٍ تعليميَّةٍ، ورسمِ خطةِ عملٍ لتنفيذِ البحوثِ والدراساتِ المختلفةِ. أما في ما يتعلَّقُ بالكتبِ المدرسيَّةِ والتعليميَّةِ، فقدْ قامَ المركزُ التربويُّ، في فترةِ الجائحةِ والانقطاعِ، بانتاجِ الكتابِ المدرسيِّ الرقميِّ، أوِ "الكتابِ الإلكترونيِّ"، وهو تطبيقٌ مجانيٌّ يضعُ في متناولِ جميعِ المتعلِّمينَ في لبنان، سواءَ كانوا في القطاعِ الخاصِّ أو العامِّ، الكتابَ المدرسيَّ في شكلٍ إلكترونيٍّ، بدءًا من صفوف الرَّوضاتِ، كما في متناولِ المعلِّمينَ والأهلينَ. ويعملُ فريقُ المركزِ التربويِّ للبحوثِ والانماءِ حاليًّا على تحسينِ هذا الكتابِ بِهدفِ جعلِهِ تفاعليًّا. كما قامَ المركزُ، في سياقٍ متَّصلٍ، بتمويلِ طباعةِ وتوزيعِ الكتبِ المدرسيَّةِ على المتعلِّمينَ في المدارسِ الرَّسميَّةِ وعلى قسمٍ مِنْ أولئكَ الَّذينَ في المدارسِ الخاصةِ الَّتي تعتمدُ الكتابَ المدرسيَّ الوطنيَّ. ولقدْ تمَّ توفيرُ التمويل من خلالِ منظَّمةِ الأممِ المتَّحدةِ للطفولة - اليونيسف بعد اجتماعاتٍ عدةٍ مع فريقّيْ المركز التربويِّ للبحوثِ والانماء والوزارة".
واشار الى ان "المركز يعمل بالتَّوازي، وبدافعٍ مِن واجِبِ تأمينِ الخدماتِ التربويَّةِ العاليةِ الجودةِ، على توفيرِ تدريبٍ مستمرٍّ، في المراكزِ التدريبيًةِ الـ33 المنتشرةِ على الأراضي اللبنانيَّةِ، للطّاقَمينِ التدريسيِّ والإداريِّ، في مراحلِ التعليمِ ما قبلَ الجامعيِّ، مُعتمِدًا كلَّ صِيَغِ التدريبِ المتاحةِ والنَّاجِعَةِ: منْ تدريبٍ حضوريٍّ، إلى آخَرَ مِنْ بُعدٍ، وثالثٍ هجينٍ hybride يجمعُ بينَ الصِّيغتيْنِ المذكورتيْنِ. وتندرِجُ في سياقِ إنجازاتِ المركزِ التربويِّ للسَّنةِ الرَّاهِنةِ أيضًا أنَّه، إثرَ العديدِ مِنْ مساعي الإصلاحِ، وبعدَ انقضاءِ عقدينِ مِنَ الجمودِ في العملِ، نالتْ خطّةُ تطويرِ منهجٍ وطنيٍّ جديدٍ موافقةَ اللَّجنةِ العليا للمناهج، في أيار 2021، وكذلكَ موافقةَ البنكِ الدوليِّ الذي أفرجَ - بعدَ سنواتٍ خمسٍ منَ الحَجْبِ - عنِ اعتمادٍ ماليٍّ بقيمةِ 7.5 ملايين دولارٍ للشروعِ في العملِ".
واردف: "لقد تمَّ، لغايةِ إطلاقِ العملِ المذكورِ، تشكيلُ لجنةِ الدراسات والتوجهات العامة للمناهج، المؤلَّفةِ مِنْ حمَلَةِ الدكتوراه، ومِنْ باحثينَ أكاديميِّينَ، وتربويينَ أكفَّاءَ، في نهايةِ أيّار 2021. وتشمَلُ المرحلةُ الأولى مِنَ الخطةِ، والتي سيتِمُّ إنجازُها بحلولِ نهايةِ العامِ 2021، ما يأتي: دراسات عن الواقع التربوي في لبنان التي انجزت في نهاية تشرين الأول 2021، التوجهات العامة للمناهج، الإطارَ الوطني أو المرجعيَّ للمناهجِ".
وقال: "لقدْ رَسَمَ المركزُ، في سياقٍ متَّصِلٍ، الجدولَ الزمنيَّ للمُخرَجاتِ المِفصليَّةِ لمشروعِ تطويرِ المناهِجِ، وحدَّدَ المرجعَ المخوَّلَ بإصدارِ كلٍّ منها. ويتضمَّنُ الجدولُ المذكورُ المُخرجاتِ، وتحديدًا مبدئيًّا للتواريخِ المُتَوَقَّعَةِ للانتهاءِ مِنها، على النَّحوِ الآتي: التوجُّهاتِ العامَّةَ للمناهِجِ، بحلولِ 15 تشرين الثاني 2021، الإطارَ الوطني العامَّ للمناهِجِ بحلولِ 31 كانون الأول 2021، البرامِجَ التجريبيَّةَ للموادِّ التدريسيَّةِ، مع مسَوَّدتينِ، أولى بحلولِ حزيرانَ 2022، وثانيةٍ، معدَّلةٍ وفقًا للتجربةِ على عيِّنةٍ مِنَ المدارسِ، بحلولِ حزيرانَ 2023، نِظامَ التقويمِ المدرسيِّ والامتحاناتِ الرسميَّةِ، بحلولِ آذارَ 2023، تطويرَ آلياتِ التدريبِ على المناهجِ المُطوَّرةِ، وفقًا للحاجةِ، بحلول أيلولَ 2022 في ما خصَّ آليَّةَ العيِّنَةِ الأولى، وحلولِ آذار 2023، في ما خصَّ آليةَ التدريبِ العامِّ للقطاعينِ العامِّ والخاصِّ، بِدْءَ المرحلةِ التجريبيَّةِ للبرامجِ الدِّراسيَّةِ على عيِّنةٍ مِنَ المدارِسِ، بحلولِ تشرينَ الأول 2022، صدورَ برامِجِ الموادِّ الدِّراسيَّةِ، بحلولِ حزيران 2023، إعدادَ وسائلِ التعليمِ ومتابعةَ التدريبِ، في الفترةِ ما بينَ شُباط 2023 وأيلول 2024، البدءَ بتطبيقِ المراحِلِ الأولى للمناهجِ في المدارسِ الرَّسميَّةِ والخاصَّة، بحلولِ أيلول 2024".
وتابع: "كما حدَّدَ المركزُ التربويُّ الآليةَ المعتَمَدةَ في التطويرِ الدائمِ والمُستمرِّ للمناهجِ. وعلى صعيدٍ آخرَ، ساهمَ المركزُ التربويُّ للبحوثِ والانماءِ في خطةِ طوارىءِ العودةِ إلى المدرسةِ 2021-2022، في مجالِ تكييفِ المناهجِ الدراسيّةِ وتخفيفِها، إلى جانبِ تعزيزِ البعديْنِ الاجتماعيِّ والعاطفيِّ بِهدفِ مساعدةِ المتعلِّمين على التكيُّف بسهولةٍ أكبرَ، رغمِ الظروفِ الّتي تحيطُ بِهِمْ، كما وضع خطة لبرنامج التعافي لمدة 4 أسابيع والتي حصدنا تهنئتكم عليها. وهو لذلكَ، عمِلَ منذ ما يقاربُ الستةَ أشهرٍ وما زالُ، على إنتاجِ دروسٍ رقميَّةٍ تفاعليَّةٍ في المراحلِ التعليميَّةِ والموادِّ كاقَّةً، مِنْ شأنِها تزخيمُ العَودةِ وإعطاؤُها بعدًا عملانيًا شيِّقًا، وتوفيرُ الوقتِ والجهدِ والمالِ سواءً بالنسبةِ للمتعلِّمينَ أو بالنسبةِ للمعلِّمينَ وللمؤسَّساتِ التعليميِّة. كما يعمَلُ المركزُ، في سياقِ مرحلةِ العودةِ إلى التعليمِ الحضوريِّ، على تأمينِ مستلزماتِ تنفيذِ استراتيجيَّةٍ علاجيَّةٍ إثرَ تشخيصِ فقدانِ المهاراتِ والمفاهيمِ التربويَّةِ اللَّازِمةِ للمتعلِّمينَ لسدِّ الفجوةِ الَّتي تمَّ تبيُّنُها، فَالتقديراتُ حولَ الفاقدِ التعلُّميِّ تَشي بأرقامٍ مرتفعةٍ، لا سيَّما في أوساطِ المتعلِّمينَ المهمَّشينَ، وأولئكَ الأكثرَ حاجةً للمساعدةِ والدعمِ والمواكبةِ. ولا ريبَ، والحالُ هذِهِ، في أنَّ ارتفاعَ منسوبِ الفاقدِ التعلُّميِّ المشارِ إليهِ سيؤدِّي إلى تدني دخلِ الفئاتِ ذاتِ الظروف الهشَّةِ بشكلٍ متصاعِدٍ وإنْ بتفاوُتٍ، مع الوقت، ما حضَّ المركزَ التربويِّ، مدفوعًا بالشعورِ بالمسؤوليَّةِ تجاهَ الوطنِ وأبنائهِ، على تبني السِّياساتِ التربويَّة الناجِعَةِ التي منْ شأنها الحدُّ مِنَ النتائجِ السلبيَّة التي أرستها الظروفُ القهريَّةُ المُتأتِّيةُ عنِ الجائحةِ مِنْ جهةٍ، وعنِ الانهيارِ الاقتصاديِّ مِن جهةٍ أخرى، توصُّلًا إلى المساعدةِ في تجاوُزِها بالكاملِ، مِن قِبَلِ مَنْ همْ الأكثرَ تأَثُّرًا بها".
أضاف: "في مجالِ التعليمِ الرَّقميِّ أيضًا، تمَّ إطلاقُ المنصَّةِ التعليميَّةِ الوطنيَّةِ، والَّتي تهدِفُ إلى توحيدِ المنصّاتِ المختلفةِ، "مواردي" و "كلاسيرا"، لتكُونَ إنتاجًا محليًا في خدمةِ جميعِ المدارسِ والمتعلِّمينَ على مساحةِ الوطنِ، بِما يتيحُ الوصولَ إلى مكتبةٍ تعليميَّةٍ تفاعليَّةٍ عبرَ الإنترنتْ. وتتمُّ تغذيَةُ هذه المنصَّةِ بموارِدَ رقميَّةٍ تؤمِّنُها مساهمةُ المعلِّمينَ والمؤسساتِ التربويَّةِ، في حين يقومُ المركزُ، في مصنعِ المواردِ الرَّقميَّةِ الذي تمَّ استحداثُهُ لهذه الغايةِ لديهِ، بدراستِها والمصادقةِ عليها بعدَ التثبُّتِ مِنْ أصالتِها، استنادًا إلى سلسلةٍ موضوعيَّةٍ وواضحةٍ منْ معاييرِ الانتاجِ الرقميِّ. إنَّ منصةَ الذكاءِ الاصطناعيِّ التي أشرْنا إليها والتي تهدِفُ أيضًا لأنْ تكونَ مساحةً لمشاركةِ المعلوماتِ، تَعِدُ بأنْ تكونَ أداةً تعليميَّةً لدعمِ ومؤازرةِ جميعِ المعلِّمينَ، والمتعلِّمينَ وأولياءِ أمورِهم".
واردف: "على صعيدٍ آخرَ، ونظرًا للأهميَّةِ التي يوليها لِرعايةِ المتعلِّمينَ الذينَ يعانونَ مِنْ صعوباتٍ في التعلُّمِ، ونظرًا للتكلفَةِ المرتفعةِ نسبيًا لجلساتِ المتابعةِ لهؤلاءِ، لا سيَّما في فترةِ الأزمةِ الاقتصاديَّةِ الجاثمةِ على صدورِ اللبنانيينَ، قامَ المركزُ التربويُّ للبحوثِ والانماءِ، في الآوِنةِ الأخيرةِ، بإنشاءِ 22 مركزَا مجانيَّا، متخصِّصةٍ، لخدمةِ الأولادِ الذينَ يعانونَ مِنْ صعوباتٍ تعلُّميَّةٍ. وتأتي هذه المراكزُ الثمانيةُ لتنضمَّ إلى المركزِ الأوّلِ الذي أنشىءَ في وقتٍ سابِقٍ في جونيه، وَهْيَ تقدِّمُ خدماتٍ احترافيّةً عاليةَ الجودةِ. ولأنَّ المركزَ التربويَّ يؤمِنُ بأنَّ الانجازاتِ لا تقتصِرُ على إتمامِ ما هوَ عينيٌّ، فَلَقَدْ بادرَ إلى اعتمادِ سياسةِ الانفتاحِ تجاهَ مختلفِ الشركاءِ التربويينَ. فَمِنْ أجلِ رفعِ مستوى الإفادةِ مِنَ المواردِ إلى الحدِّ الأمثلِ المتاحِ، وسعيًا لِتحقيقِ أهدافِ التعليمِ الوطنيَّةِ، أفردَ مكانًا مهمًا لتطويرِ الممارساتِ التعاونِيَّةِ بينَ الشركاءِ. وهو يضعُ، لهذه الغايةِ، خطةً إستراتيجيَّةً من أجلِ ضمانِ الاتِّساقِ في عملِ جميعِ الفاعلينَ التربويِّينَ. وتماشِّيًا معْ هذا التوجُّهِ، طلبَ المركزُ التربويُّ للبحوثِ والانماءِ مِنَ الجامعاتِ والمؤسساتِ التعليميَّةِ، والهيئاتِ التربويَّةِ المختلفةِ في البلاد، وضْعَ خبرائها تحتَ تصرُّفِه، بحيثُ يساهِمُ هؤلاءِ في المناهجِ المدرسيَّةِ بطريقةٍ أكاديميَّةٍ، كلٌّ في مجالِ تخصُّصِهِ. كما وضع المركز استراتيجية موحدة للجهات المانحة بهدف توحيد الجهود ترشيدا للجهد والوقت وتحقيقا للشفافية".
واضاف: "وفي مسارِ تعزيز العلاقاتِ معْ وزارةِ التربيةِ والتعليمِ العالي، تمَّ تفعيلِ إطارٍ للتعاونِ والتشارُكِ والتواصُلِ المؤسسيِّ بينَ فريقِ المركزِ التربويِّ للبحوثِ والانماءِ وفريقِ الوزارةِ، معَ الحرصِ على المحافظةِ على دورِ كلٍّ مِنَ الطرفينِ. وأدّى هذا التفعيل إلى نتائجَ مثمرةٍ لصالحِ التعليمِ في لبنانَ، لا سيَّما في أوقاتِ الأزماتِ. ولأنَّ المركزَ التربويَّ مؤسسةٌ عامَةٌ تزهو وتزدهرُ بثقةِ الوطنِ وأهلِهِ بها، فلقد سعى وما زالَ، في الآوِنةِ الأخيرةِ، إلى إعادةِ بناءِ الثقةِ بالمؤسساتِ العامةِ، مِنْ خلالِ تنفيذِ إصلاحاتٍ في الأسلوبِ الإداريِّ، يُعمَلُ على تطبيقِها ، بِدءًا مِنْ أعلى الهرمِ، إصلاحاتٌ مصحوبةٌ بسياسةِ ترشيد والحفاظ على الأموالِ العامَّةِ. وفي اطار مواكبته للتطور الاداري والتربوي، أنجز المعنيون في المركز الأطر المرجعية لكفايات القيادات التربوية من مدير وناظر ومنسق وأطر مرجعية للاعتماد الأكاديمي وللشراكات المجتمعية، وبانتظار اطلاقها بحضوركم ورعايتكم".
وختم: "لقد كانَ ذلكَ عرضًا لبعضٍ مِنْ منجزاتِنا ولأقلَّ بِكثيرٍ مِنْ أحلامِنا ونوايانا وصادقِ اندفاعِنا. وإنَّا إذْ عرضْنا أمامَكُمْ ما قُمْنا بِهِ حتَّى اليومِ، نتطَلَّعُ إلى استمرارِ ثِقَتِكُم بخطواتِنا ودعمِكمْ لمواقِفِنا وأعمالِنا، ونعاهِدُكُمْ أن تستمِرَّ التربيةُ الصَّالحةُ ومستقبلُ أبنائِنا الهاجِسَ الأكبرَ لديْنا والذي نسعى لمعالجتِهِ بما فيهِ خيرُ وطنِنا وأبنائهِ أجمعينَ".
من جهته، حيا الحلبي "هذه المؤسسة التربوية العريقة، التي كان تأسيسها في عام 1971 خطوة سباقة في عصرها، إذ أن المؤسسات التي تعنى بالتخطيط ووضع المناهج التربوية وتأليف الكتب المدرسية وإنتاجها وإجراء البحوث التربوية والدراسات والإحصاءات، ومراقبة تطبيق المناهج، إلى جانب إعداد المعلمين وتدريبهم، أرادها المشترع لكي تكون الجهة المخططة هي غير الجهة المنفذة، وذلك قناعة لبلوغ الأداء الأفضل للقطاع التربوي".
وقال: "إن زيارتي اليوم للمركز التربوي ليست بروتوكولية، بل هي زيارة عمل تركز بالدرجة الأولى على تزخيم إطلاق ورشة تجديد المناهج التربوية بصورة فعلية، استنادا إلى روزنامة محددة نلتزمها، وتشكيل فرق الإختصاصيين بالتعاون بين الوزارة والمركز التربوي والمؤسسات التربوية الخاصة وكليات التربية في الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة المعنية، وبدعم وتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي والمؤسسات الفرنسية والبريطانية، وأي جهة تتمتع بالخبرة في هذا المجال مع تأكيد أن هذا العمل يقوده اللبنانيون الأعرف بحاجاتهم وتطلعاتهم ولا تعوزهم الخبرات لتحقيق هذه الغاية".
أضاف: "إن هذه الورشة تتطلب تعزيز المركز بالموارد البشرية المؤهلة والمتميزة للقيام بهذا العمل الكبير على الصعيد الوطني والعربي، وربما الدولي. إن الدول العربية قامت بجهود كبيرة في ميدان التطوير التربوي، وكذلك دول في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية وغيرها، وحققت نهوضا اقتصاديا انعكس إيجابا على حياة مواطنيها. لذا، نحن مدعوون، بعد تأخر طال أمده، إلى الإنطلاق في ورشة مكثفة تنقلنا من التراجع إلى الريادة، وتعيدنا إلى الموقع المتقدم الذي تستحقه أجيالنا الصاعدة".
وتابع: "لقد التقيت العديد من المؤسسات التربوية الخاصة والجامعية. كما التقيت العديد من السفراء الأجانب، ولمست من جانبهم الاستعداد للتعاون والمشاركة في هذه الورشة الكبرى، التي تتضمن أيضا توجهات نحو التقييم المدرسي والإمتحانات الرسمية ومصير الشهادات، وذلك في إطار نقاش وطني على أعلى المستويات. وهذه الورشة تشمل إعداد المعلمين بحسب مقتضيات المناهج الجديدة التي تنقلنا نحو التعليم التفاعلي الرقمي واستخدام الإمكانات التي تتيحها التكنولوجيا والتدفق المعرفي عبر المنصات المفتوحة والمتجددة، وذلك لإعداد متعلمين مواطنين منتجين وقادرين على قيادة المستقبل بأفضل السبل".
وأردف: "إن المناهج الراهنة لم تأخذ فرصتها كاملة في التطبيق ضمن المدارس الرسمية، وبقيت مواد مثل التكنولوجيا غير مطبقة فيما يسعى بعض النواب إلى إدخال التوجيه المهني إلى المناهج التربوية. وبالتالي، يجب أن نعيد الدور إلى هذه المواد التي شهدت إهمالا، لأنها ربما تشكل سبيلا لفرص العمل التي تحتاج إليها السوق، على غرار المواد الإجرائية من الفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح والرياضة وغيرها".
وأشار إلى أن "لبنان المتنوع يحتاج أيضا إلى أن تكون مادة الحوار مدخلا لتعويد اللبنانيين على إتقان سماع الرأي الآخر واحترام الإختلاف وسلوك تجميع المشتركات للبناء عليها وتحديد نقاط الخلاف للتحاور حولها. كما أن البيئة والحفاظ عليها تقضي بأن يعامل اللبناني أرضه وخيراتها برفق وأن يحفظ مواردها وأن يعتني بخيراتها لكي نورث أبناءنا أرضاً معطاءة وشجرة وارفة ومناخا معتدلا"، وقال: "إنكم تشكلون فريق عمل متماسكا ومنتجا، رغم الحاجة إلى تعزيز الأقسام والمكاتب بالموارد البشرية، وإنني على استعداد لدرس اقتراحات رئيس المركز بتأمين الأشخاص الذين يتمتعون بالأهلية للقيام بالعمل المنتظر، فثابروا على إنتاجيتكم لأنكم تشكلون نواة الورشة ومحركها. كما أعرف الأوضاع القانونية والإدارية والمالية التي تستدعي المعالجة لإنصاف العاملين الذين لم تعد تعويضاتهم تكفيهم لأيام قليلة، وسيكون هذا الأمر موضع متابعتي وعنايتي أيضا".
أضاف: "اليوم هو للتعرف إلى الخطط والمشاريع المؤهلة للورشة ومناقشة الحاجات لتسريع الخطى وتوفير مقومات الحضور والإنتاج. إنني أعول على عملكم في أن تنحو مناهجنا لإعلاء مفهوم الدولة ومؤسساتها وبناء المواطنة على قاعدة المواساة مع احترام الإنتماءات والخصوصيات، فالتربية ليست بالتلقين، بل بالتحفيز على التحليل والتفكير".
وإذ اعتبر أن "المركز التربوي هو ورشة إعداد الإنسان والمواطن"، قال: "لا تدعوا الخلافات تحل بينكم فيذهب رعيكم هباء".
ثم بدأت اجتماعات العمل مع رؤساء المكاتب والأقسام والباحثين وتناولت عروضا للوضع القائم والدراسات التقييمية والمهام الإدارية والتربوية وبرنامج التعافي الذي تم إنجازه في وقت قياسي.
ثم كان عرض لروزنامة تطوير المناهج وتدريب الأساتذة ومهام الهيئة الأكاديمية وكل أقسام المواد، وبرنامج الإعداد والتدريب اثناء الخدمة ومقررات التدريب، وخطط التعليم المدمج والإلكتروني، ثم نظام الجودة في مراحل التعليم ما قبل الجامعي.
وبعد ذلك، تم عرض برنامج البحوث التربوية والدراسات التي يقوم بها قبل تطوير المناهج، ثم ترفع التوصيات لصانعي القرار التربوي.
وكذلك، تم عرض لإعداد برامج المواد الدراسية ودراسة حاجات المجتمع التربوي وحاجة سوق العمل إلى مهارات، وكيفية إعداد المتعلم لسوق عمل متغير ومتطور.
وعرض الإختصاصيون أيضا أهمية التوجيه المهني منذ الصغر والمستجدات الحديثة في المناهج من منظور عالمي، وكذلك توجهات المنهج التربوي المطور وتضمين المناهج كل ما يتعلق بالعناية بذوي الحاجات الخاصة.
وأشار المجتمعون كذلك إلى ملامح المتعلم الذي تستهدف المناهج إعداده، واسس المنهج وعناصره ونموذج بناء المنهج وآليات التنفيذ، وصولا إلى الكتاب المدرسي والوسائل التعليمية. كما تم عرض الهيكلية وأيام التعليم.
وعرض المتخصصون أيضا كيفية مواكبة المناهج الجديدة للتحول الرقمي ومضامين المنصة اللبنانية الوطنية للتعليم ومنصة كلاسيرا، إضافة إلى عرض مالي وتمويلي.
وكان الوزير يناقش كل المفاصل التربوية والإدارية والفلسفة التي يبنى عليها منهج كل المواد والتزام المواعيد المحددة لكل مرحلة، وموضوع المواطنة والتربية الوطنية والتنشئة ولغة الصياغة والمقاربات والتهيئة البحثية والدراسات التي سبقت وضع أصول التطوير والتحديث.
وعبر في نهاية الإجتماعات التي دامت نحو خمس ساعات عن ارتياحه لما تم إعداده، مشيدا ب"جو التعاون بين أفراد فريق العمل، وبالتعاون مع العديد من الباحثين من الجامعات وكليات التربية، الذين أعدوا دراسات بحثية حول مختلف المحاور وعرضوا موجزات عنها في الإجتماع".
وأكد "أهمية تغليب مصلحة التلميذ ومصلحة البلد على اي مصلحة أخرى"، مشددا على "أهمية عزل التربية عن السياسة السائدة ليبقى هذا الملف البالغ الأهمية بمنأى عن الضغوط القائمة".
وقال للمشاركين: "لقد سمعت اليوم ما يفرحني ويعطيني الأمل بأن المركز التربوي هو احد مؤسسات الدولة التي لا تزال تعمل بكل إنتاجية، رغم كل الحاجات والصعوبات، وإنني اقدر عاليا هذا العمل، فالبلد يحتاج إلى إجراءات وإنجازات محسومة يشعر بها الناس، فثابروا على الإنجاز ولا تدعوا الإحباط يتسلل إلى نفوسكم ونحن بجانبكم في كل المحطات المقبلة".