احتفل المركز التربوي للبحوث والإنماء باليوم العالمي للتلامذة ذوي الصعوبات التعلمية من خلال لقاء الكتروني دعا إليه مع مركز الخدمات المساندة لذوي الصعوبات التعلمية في دار لويس ابو شرف للمعلمين والمعلمات في جونيه، في حضور النائب شامل روكز، ممثل رئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح جاك راشد، رؤساء نقابات الاختصاصيين العاملين في مركز الخدمات المساندة لذوي الصعوبات التعلمية، المديرة الادارية في المركز إيما أبو ديوان، رئيسة مكتب الإعداد والتدريب رانيا غصوب، المفتشة لوسي الحاج، وجمع من مديري الدور والمسؤولين الفنيين، وعدد من المدربين وعائلة المركز التربوي للبحوث والانماء والمدربات المختصات في مركز الخدمات المساندة المعنيات مباشرة بالتدخل مع ذوي الصعوبات التعلمية.
نهرا
افتتح اللقاء مدير دار لويس ابو شرف عبد الله الزغبي، وتحدث بعده النائب روكز، ثم ألقى رئيس المركز جورج نهرا كلمة وضع خلالها الأطر العامة للمشاريع المرتقبة في مركز الخدمات المساندة، وقال: "ينظر المركز التربوي للبحوث والانماء إلى المشاركين في مشاريعه وأنشطته على أنهم شركاء له في العمل التربوي وأنهم مؤيدون للرؤية التربوية التي بناء عليها يخطط وينفذ. لذا فإنه يرحب في هذا اللقاء بسعادة النائب العميد شامل روك، بممثل رئيس اتحاد بلديات كسروان الاستاذ جاك راشد، برؤساء المناطق التربوية في جبل لبنان والشمال، بالمفتشة التربوية الاستاذة لوسي الحاج، بالاختصاصيين: الدكتور فيفيان بو سريح من جامعة القديس يوسف، الدكتور باسكال الخازن من جامعة الروح القدس - الكسليك، الدكتور سوزان منعم من الجامعة اللبنانية. ويرحب المركز التربوي بممثلي نقابات الاختصاصيين: الدكتور أسمى عازار، السيدة شهناز بارودي السيدة كارلا شديد، السيد طارق الفغالي، وبمديري دور المعلمين والمسؤولين الفنيين وكل العاملين معه ولديه".
وأضاف: "إن اليوم الوطني لذوي الصعوبات التعلمية ليس عيدا، ولا احتفالية كغيره من المناسبات في روزنامتنا الوطنية الجامعة في محطاتٍ كثيرةٍ منها. إنه يوم يضعنا، كمؤسساتٍ تعليمية-تربويةٍ أو ذات صفةٍ تقريريةٍ كالمركز التربوي للبحوث والإنماء، كتربويين واختصاصيين أو كأناس عاديين، تحت مجهر السلوك الانساني والانتماء البشري، يحاكمنا ويحاكم ضمائرنا على ما أنجزناه أو تقاعسنا عن إنجازه من أعمالٍ تجاه شريحةٍ واسعةٍ من الناس أرادت لها ظروف حياتها أن تحتاج من المواكبة والمساعدة والتدخل ما يجاوز الحدود العادية التي تفرضها طبيعة ودرجات نماء البشر ويحددها تطور مهاراتهم وقدراتهم.
ولأنه يوم تنادينا فيه أخلاقنا وقيمنا الإنسانية قبل أي مرجعية أخرى، أردنا في المركز التربوي للبحوث والانماء أن نطل على هذا الثالث والعشرين من نيسان، وفي جعبتنا ما يرضي القلب والعقل على حد سواء، ما يجعلنا ننظر إلى ذوي الصعوبات التعلمية نظرة مسؤولٍ لا ينأى بنفسه عن ظروفهم وظروف كل من في فلكهم من أولياء أمور واسر ومعلمين واداريين. وها نحن نحمل قدرهم معهم، ونمشي وإياهم مواجهين كل العقبات".
وتابع: "إن الهدف الأول للقاء اليوم بيننا كاختصاصيين في التربية أو معنيين بها بشكل مباشر أو غير مباشر، هو عرض عن خطة المناهج التي تساهم بشكل لا ريب فيه في دمج المتعلمين ذوي الحاجات الخاصة في المدارس العامة والخاصة.
أما الهدف الثاني للقاء فهو عراض خطط عمل "المركز المساند لذوي الصعوبات التعلمية"، الناشط في دار جونيه، ومن بينها دفع المركز في باتجاه اعتماد مجموعة من الآليات المتكاملة التي تهدف في مجملها إلى مساندة المتعلمين من ذوي الصعوبات التعلمية.
فبالإضافة إلى آلية التشخيص (Diagnostique)، وآلية التدخل العلاجي (Intervention Thérapeutique) والتدخل التربوي التقويمي (Intervention Orthopédagogique) الذي يعمل به حاليا في المركز، إن "المركز المساند لذوي الصعوبات التعلمية" هو، في هذه المرحلة، في صدد إقرار آليات عمل 3 جديدة تتدرج كالآتي:
أولا: آلية تحويل المتعلم من المدرسة الرسمية إلى المركز المساند
وتكمن أهمية هذه الآلية، أي آلية التحويل، في أنها تساهم في اكتشاف (Dépistage) الصعوبات التعلمية لدى المتعلم كـ عسر الكتابة (Dyslexie) وعسر الإملاء (Dysorthographie) وعسر الحساب (Dyscalculie) وعسر الحركة (Dyspraxie) وفرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) وعسر الذاكرة وعسر الكلام.
إن إدراك التربويين لهذه المفاهيم ذات الصلة بالصعوبات التعلمية ولخصائصها، وتزويدهم وسائل رصد تساهم في اكتشاف هذه الصعوبات لدى المتعلم، وبالتالي، في توفير الدعم التربوي الذي يتناسب وقدراته، ما يجنبه الكثير من المشكلات، كالتنمر والرسوب والتسرب المدرسي.
ثنيا: آلية مساندة أسر ذوي الصعوبات التعلمية وأولياء أمورهم.
إن المهمات والمسؤوليات الجسام، الملقاة على كواهل أولياء أمور أطفالٍ أو متعلمين من ذوي الصعوبات التعلمية، تجعلهم عرضة للعديد من الضغوط المادية والتربوية والعاطفية والاجتماعية، مما يؤثر سلبا على اتزانهم النفسي. فقد أثبتت الدراسات العلاقة المباشرة بين انعدام الدعم النفسي وحالات الاكتئاب والقلق والتوتر والإنكار للواقع عند الأسرة. وقد أكد هذه الحقائق تقرير وزارة الصحة اللبنانية بعنوان "تحليل الصحة النفسية في لبنان" (2015-2020) والذي جاء فيه: "تشكل الصحة النفسية مشكلة متصاعدة من مشاكل الصحة العامة في لبنان نظرا إلى أن الأفراد معرضون للحروب وللصدمات العديدة المتتالية.
وقد حدد التقرير المجموعات الأكثر تعرضا للاضطرابات النفسية التي تحتاج الى المزيد من الانتباه والاهتمام وخصت بالذكر مجموعة الأشخاص في وضع مسبب للإعاقة وأفراد أسر هؤلاء الأشخاص.
وأشار التقرير إلى أنه تم تشخيص اضطراب نفسي لدى 26,1 في المئة التلامذة المراهقين وأن 15,2 % تراودهم أفكار انتحارية خطيرة.
أمام هذا الواقع المنذر بالخطر الشديد، كان من المهم تلبية حاجات الأهل المعرفية والنفسية عبر توفير دعم نفسيٍ علاجيٍ وإرشاديٍ لهم يقلل من مشاعر الرفض والتوتر والإحباط لديهم، ولوم الذات واليأس، ما ينعكس ايجابا على علاقات الأفراد الأسرية داخل العائلة، وبالتالي على تفهم واحتضان أكبر لذوي الحاجات الخاصة.
فجاءت هذه الآلية (آلية مساندة أسر ذوي الصعوبات التعلمية وأولياء أمورهم) متماشية أيضا مع رؤية المركز "نحو مدرسة دامجة"، كما مع خطة 2030 التي تتضمن سياسات للمركز واضحة، ومن أهمها احتضان ذوي الصعوبات التعلمية وانتهاج استراتيجيات للدعم الأسري والأهل تحديدا، على المستويين النفسي والمعرفي، وإشراك المجتمع المدني.
وتلتقي الآلية المذكورة مع اتفاق الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والذي ينص "على إذكاء الوعي في المجتمع بأسره، في شأن الأشخاص المعوقين لمكافحة القوالب النمطية وأشكال التحيز بهدف تشجيع الاعتراف بمهارات هؤلاء الأشخاص وكفاياتهم وقدراتهم وتسهيل انخراطهم في سوق العمل.
ثالثا: آلية توفير غرفة دعم نفسيٍ اجتماعيٍ للمعلم وللعاملين في المجال التربوي
لقد أدى الوضع الاقتصادي- الأمني - الصحي - والنفسي السائد في لبنان إلى ضغوط نفسية طاولت خصوصا العاملين في القطاع التربوي. وباتت الحاجة ملحة الى توفير الدعم النفسي الى كل الأفراد العاملين في المجال التربوي، عبر استحداث غرف دعم ذات توجه إرشادي وعلاجي"ٍ.
وقال: "أتت هذه الآلية لتقدم سلسلة من الخدمات التي تهدف إلى تحقيق الرفاه النفسي (Psychological Wellbeing) لدى المستفيدين. وتلحظ الخدمات برامج ذات طابعٍ توجيهيٍ Counseling وبرامج ذات طابعٍ تدريبيٍ Coaching وبرامج ذات طابعٍ علاجيٍ Psychotherapeutic. فتكون إما عبارة عن جلسات تدخلٍ فرديةٍ، حضوريا أو من بعدٍ، أو جلساتٍ جماعيةٍ Group Therapy: مجموعات دعمٍ ومساندةٍ، أو خدمات الخط الساخن: Mental health Helpline.
وأضاف: "قبل أن أختم اجتماعي الافتراضي معكم اليوم، يهمني، لا بل يسرني، إطلاعكم على الهدف الثالث والأخير لهذا اللقاء الميمون. إن المركز التربوي، هو هذه المؤسسة الأم التي تفخر بما أنجزه حتى الآن المركز المساند لذوي الصعوبات التعلمية في جونيه، وبما هو في صدد إنجازه في الغد القريب، وتميل ليس فقط إلى احتضان أبنائها كافة الموجودين على مساحة الوطن كاملة، عنيت بأبنائها هنا دور المعلمين والمعلمات في لبنان، جميعها دونما استثناءٍ، إنما أيضا إلى معاملتهم بالسواسية، انطلاقا من مبدأ التساوي في الحقوق قبل التساوي في الواجبات. لذلك، يعلن المركز التربوي للبحوث والانماء عن عزمه تعميم مشروع "المركز المساند لذوي الصعوبات التعلمية" على المحافظات اللبنانية كافة في القريب المنظور، تسهيلا لإفادة كل المحتاجين للخدمة منها، وتمكينا لهم من الحصول عليها دونما مشقة. إنه حق الدور الأخرى علينا، ونحن سنعمل لتحقيق ذلك دون هوادة ولا تأخير".
وختم: "إنه رحلة الألف ميل، كما قد يقول قائل، لكنها تبدأ بخطوة واحدة، وتكر السبحة مدفوعة بالنية والإخلاص.
أستودعكم، ولا أنسى أن: معا بالتربية نبني.
عشتم وعاش الوطن الصغير ذو الأحلام الكبيرة، وسنسعى الى ان نحقق منها ما هو في إطار صلاحياتنا".
بعد ذلك، عرض فيديو عن نشاطات مركز الخدمات المساندة تلته مداخلات لرئيسة نقابة المربين التقويمين في لبنان الدكتورة أسما عازار، رئيسة الجمعية اللبنانية لعلم النفس شهناز بارودي، رئيسة نقابة التأهيل النفسي- الحركي في لبنان كارلا شديد، ورئيس جمعية الاختصاصيين في العلاج اللغوي في لبنان طارق الفغالي.