إفتتح وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي ورشة العمل التي نظمها المركز التربوي للبحوث والإنماء في قاعة المسرح في الوزارة، وهي الورشة المخصصة لعرض مسودة الإطار الوطني لتطوير مناهج التعليم العام ما قبل الجامعي، على النقابات القطاعية وسوق العمل والإنتاج ومنظمات الأمم المتحدة، والمؤسسات التربوية الخاصة على المستويات كافة والأساتذة ولجان الأهل.
وذلك في حضور رئيس الجامعة اللبنانية الدكتور بسام بدران، المفتشة العامة التربوية فاتن جمعة، الوزيرة السابقة غادة شريم ، مستشار الوزير للسياسات التربوية البروفسور منير أبو عسلي، منسق إتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصر وأعضاء الأمانات العامة والنقابات المدرسية المنضوية في إطار الإتحاد، ممثلو المديرية العامة للتعليم المهني والتقني الرسمي والخاص ، ممثلو الجامعات الخاصة ، ممثلو منظمات الأمم المتحدة والجهات المانحة والوكالات الدولية الشريكة والممولة ، مدير التعليم الثانوي خالد فايد، مدير التعليم الأساسي جورج داوود، رئيسة مكتب الإعداد والتدريب في المركز رانيا غصوب،المديرة الإدارية إيما أبو ديوان ، منسقة الهيئة الأكاديمية رنا عبد الله واعضاء لجنة الربط بين هيئة التخطيط ورؤساء الأقسام والمستشارون في الوزارة والمركز التربوي ، النقابات القطاعية والمهن الحرة ، وممثلي مؤسسات وجمعيات التحول الرقمي.
نهرا :
بعد النشيد الوطني وكلمة أمين سر لجان المناهج أكرم سابق، تحدث رئيس المركز التربوي للبحوث والإنماء الأستاذ جورج نهرا فقال: تأتي ورشة العمل اليوم معكم ، بعد سلسلة ورش عمل ولقاءات ، تم في خلالها عرض ومناقشة مضمون مسودة الإطار الوطني لمناهج التعليم العام ما قبل الجامعي، على القطاعين التربويين الرسمي والخاص ،المهني والتقني، والجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة ،والتفتيش التربوي والمؤسسات العامة وروابط الأساتذة والمعملين. تأتي أيضا بعد ورشة بالغة الأهمية لجهة المضمون والمؤشرات وهي الورشة التي خصصناها للقاء تلامذة الصف الثالث الثانوي ، من ثانويات رسمية وخاصة ومن مناطق متنوعة من لبنان .
ففي لقاء الشباب تأكد لنا أن ما أنجزناه حتى اليوم سلك طريق الصواب ، وأننا قاربنا الإطار من مواقع شاملة في التفكير بمستقبل التربية ، واستمعنا إلى التلامذة بشغف المتلهف إلى معرفة ما يفكرون به لغدهم .
فقد طرحوا تطلعاتهم لمناهج مرتبطة بالحياة اليومية ، وأرادوا أن يشعروا بفائدة كل مادة يدرسونها في حياتهم اليومية ، وكيف يستثمرونها في بناء ذواتهم .
أراد الشباب أن تتقاطع المواد في ما بينها فلا تكون معارف منعزلة ، أرادوا الابتعاد عن الوعظ والحشو والترداد والتلقين والتسميع وجمع العلامات ، كما رغبوا بالانتقال إلى بناء شخصيتهم ليكونوا متعاونين منتجين متمكنين ، يستخدمون عقلهم النقدي في الوصول إلى المعرفة .أرادوا أن يكون التزام المسؤول بتطبيق القانون نموذجا يحتذى به ، وأن تكون التربية مصنعا للعيش الآمن الواحد الحاضن للتنوع الثقافي والإجتماعي والإقتصادي .
أراد الشباب بيئة مصانة وموارد متجددة ووطنا يفخرون بالانتماء إليه ، وليس محطة للمغادرة بسبب فشل المسؤولين وتوالي الصراعات والحروب .
وجدت نفسي مؤتمنا على أثمن الأمانات ، وقد كان هذا الشعور عاما وشاملا لدى جميع الخبراء والمخططين وأعضاء اللجان ، وإننا نضع هذه الأمانات الغاليات بين أيديكم لتكون رؤيتكم واضحة نحو تطلعات الشباب ، وتكون ملاحظاتكم وقراراتكم موجهة في اتجاه بناء أجيال وقوى عاملة فكريا وبحثيا وعمليا وإداريا وفي كل المجالات .
ولن ننسى كتاب التاريخ الموحد الحقيقي الصادق الذي يشير إلى الحقائق ويقدم العبر ، فنتعلم من أخطاء الماضي كيف نبني مستقبلا متينا قادرا على الإستمرار ، وننبذ الحروب والتقاتل العقوق، ونسلك مسار التنمية البشرية كأساس للتنمية الشاملة والمستدامة .
نحن كقطاع تربوي عام ومهني وجامعي رسمي وخاص ، مستعدون لترسيخ التواصل الإنسيابي بين مسالك التعليم بكل اتجاهاته ، وبالتالي نأمل منكم كقطاعات عمل وإنتاج ونقابات قطاعية ، أن تحددوا أي مهارات تريدون لكل مهنة ووظيفة ، لكي يتم إعداد الشباب في اختصاصات متجددة ملبية لما تجدونه أساسيا للحصول على الوظيفة والتطور المستمر عبر العمل اليومي.
أشكركم على تلبية الدعوة ، وأشكر معالي الوزير الدكتور عباس الحلبي على إعطائنا الثقة ، وعلى حضوره شخصيا في كل مفصل ، ومتابعتنا في كل اجتماع ، ومنحنا مظلته الحوارية التوفيقية في مقاربة كل فكرة وتوجه ، كما اشكر المدير العام للتربية الأستاذ عماد الأشقر على مشاركتنا مع مديري التعليم ورؤساء المصالح والدوائر ، فقد كانت لإسهاماتهم نتائج جلية ، بالشراكة مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة وكبار التربويين لديها ، والتفتيش التربوي وروابط الأساتذة والمعملين ومنظمة اليونسكو والخبيرة الدولية الدكتورة داكمارا جورجسكو ، وجميع الشركاء .
لم يكن لهذه المسودات المتلاحقة والمطورة بعد كل ورشة أن تظهر وتتكامل ، لولا وجود فريق عمل في المركز التربوي يعمل ليلا نهارا ، رؤساء المكاتب والوحدات ودرا دور المعلمين والمسؤولين الفنيين، والمسقية العامة للمناهج ومنسقها العام الأستاذ جهاد صليبا ، وأمين سر لجان المناهج الأستاذ أكرم سابق ، ومنسقة الهيئة الأكاديمية السيدة رنا عبدالله ومساعد المنسقة الأستاذ بسام غوش وجميع رؤساء الأقسام الأكاديمية.
والشكر أيضا لهيئة التخطيط والمتابعة ولمنسقها الدكتور جورج نحاس ، الذي يعالج الأفكار ويخرج بالنتائج ويتلقى الملاحظات من المشاركين ويضعها حيث يرى ذلك مناسبا مع هيئة التخطيط .
أما الشكر الخاص فهو لمستشار الوزير للسياسات التربوية البروفسور منير أبو عسلي ، الذي يشكل بيت خبرة قائما في ذاته ، يسهر على كل تفصيل ويمدنا بالنصح والتوجيه ويذلل العقبات .
لا تبخلوا علينا بتوجيهاتكم وملاحظاتكم وأفكاركم ، لأننا نبني معا أجيالا لسوق العمل وأنتم أربابها .
الأشقر:
ثم تحدث المدير العام للتربية الأستاذ عماد الأشقر فقال:
الإطار الوطني للمناهج إستحقاق ملح وداهم، لننطلق مع المركز التربوي للبحوث والإنماء بالشراكة التامة مع القطاع التربوي الخاص والمهني والجامعي ، في وضع مناهج المواد بناء للإطار الذي يشكل دستور المناهج التربوية. وفي كل ورشة ولقاء نستززيد من المشاركين على تعدد المسؤوليات، بالملاحظات والتوجهات.
لقد شاركنا في خلال الأسبوع الماضي باللقاء مع تلامذة التعليم الثانوي في المؤسسات الرسمية والخاصة، وقد توقفت بذهول أمام ما طرحه التلامذة، من نظرة واضحة وواثقة لما يتطلعون إليه في المستقبل.
لقد تخطى التلامذة أساتذتهم منذ زمن لجهة المعلومات وإستخدام التكنولوجيا وتحديد ما يريدون من المناهج. ونحن نسترشد بمواكبتهم للعصر، وننطلق من رغباتهم وتطلعاتهم لنبني معهم المستقبل.
لذا نأمل من المشاركين في الورشة اليوم، أن يعززوا المسار الذي سلكناه من خلال اللقاءات وورش العمل المتنوعة، وأن يضيفوا إلى ما توصلنا إليه فضاءات جديدة مستمدة من سوق العمل، تتغذى من التطور التكنولوجي والإجتماعي. وتستفيد من قساوة الأزمات التي نعيشها لنخرج بأفكار رؤيوية وعملية في آن.
إنني أمضيت سنوات طويلة في الإداراة وفي مصلحة التعليم الخاص بالذات، وأدعي أنني على إطلاعٍ كافٍ على حرية الحركة التي تتمتع بها المؤسسات التربوية الخاصة، والتي وضع العديد منها مناهج خاصة أصبحت فريدة في العالم. لذا أدعو المجتمعين اليوم إلى مؤازرتنا لنتابع مع المركز التربوي والقطاعين الرسمي والخاص، وضع إطار وطني يستشرف المستقبل ويتحلى بالمرونة لجهة التطوير المستمر، ومحاكاة التطلعات التي يمتاز بها القطاع الخاص وسوق العمل.
التربية أمانة في اعناقنا وهي أثمن ما بقي للبنان وللبنانيين. فتعالوا لنخرج من كل ما يقيدنا ويجمد آداءنا، لنخرج بإطار وطني وعصري هادف وعميق في آن، نبني من خلاله أجيالاً تعتز وتفخر بانتمائها للبنان، وتنطلق إلى التخصص وسوق العمل بثقة وأمان.
إنني أشكر معالي الوزير على الثقة التي أولاي إياها بتكليفي بمهام المديرية العامة للتربية، وأشكر رئيس المركز التربوي الصديق الأستاذ جورج نهرا وفريق عمله على التعاون اليومي ، وأحيي البروفسور منير أبو عسلي وفريق عمل المركز التربوي والمؤسسات التربوية ولجان التخطيط والمتابعة واليونسكو على الخبرات الدولية ، وجميع من دعمنا ووفر لنا التمويل لنقوم بما نحن في حاجة إليه .
الوزير الحلبي :
بعد ذلك تحدث الوزير الحلبي فأشار إلى أن إنجاز الإطار الوطني لمناهج التعليم العام ما قبل الجامعي محطة مهمة جداً، إذ أنه لا معنى للمناهج إذا لم تؤدي إلى توفير فرص عمل للأجيال في لبنان. من هنا كانت ورش العمل التي طلبنا فيها إشتراك جميع الجهات التربوية والمهنية وسوق العمل.
وأضاف: المناهج ليست وقفاً على وزارة التربية والمركز التربوي، بل إنها عمل مشترك وطني يشمل أنواع التعليم وخصوصاً التعليم العام على كل المستويات من الروضة حتى الثانوي مروراً بالتعليم المهني وصولاً إلى التعليم الجامعي.
إنها مسؤوليات تقع أيضاً على القطاعات المنتجة وهي أيضاً نتيجة حوار ونقاش مع هذه القطاعات.
إننا نعمل معاً على إعلان الإطار الوطني للمناهج ليكون وسيلة لبناء مستقبل لبنان ومستقبل أجياله الشابة.
وتابع الوزير: لقد قيل لنا أننا نستعجل في إقرار الإطار الوطني ، ولكننا لم نستعجل بل ندرس خطواتنا، ومن حقنا بعد 25 سنة أن يكون لنا منهج جديد.
وكشف الوزير أنه كانت هناك محاولات أدت في وقت معين إلى بعض العرقلة من جانب البعض، ولكن على الرغم من أي محاولة للعرقلة، فقد أصرينا على هذه المسيرة ولكن من دون أن نتفرد، لأن موضوع التربية شأن وطني بامتياز.
وقال الوزير: اللبنانيون لا يتفقون أحياناً على تعيين دركي، ولكن هذا هو السبب للتواصل مع الجميع، من هنا فإننا نحتاج إلى وفاق وطني حول هذا المنهاج، وهذه مسؤولية الإعلان عن الإطار الوطني بمراحله الأخيرة، فهذا الملف عند إنجازه سينتقل إلى رئاسة الحكومة لأخذ موافقة مجلس الوزراء.
إننا نعمل بزخم لأن الحكومة بعد إجراء الإنتخابات تصبح في حالة تصريف الأعمال، ولا نريد أن تعطل الإنتخابات مساراً تربوياً مهماً بمستوى المناهج.
إذاً، ليس هناك تسرع بل عزم للوصول إلى إقرار الإطار الوطني قبل إستحقاق أيار.
وقال الوزير: إني آمل أن يكون هذا النهار لسماعكم، وصدرنا وصدر فريق العمل رحب، ونأمل أن تعبروا عن كل ملاحظاتكم، فلا قيد على أي قراءة نقدية للمسودة التي تبلورت وتطورت وتعدلت بحسب النقاشات، وهذه المسودة بين أيديكم، ونتمنى أن تكون قراءتكم معمقة وتأخذ في الإعتبار الملاحظات لتصويب البوصلة وسد الثغر وتطويرها بمفاهيم جديدة، إذا فات المنظمين أن يشيروا إليها.
إنني سأواكب جلسة اليوم، فالوزارة في خدمة التربية ولا يوجد لديها أجندة سياسية، ولا نعمل إلا للتربية في هذه الوزارة.
صليبا:
وكانت مداخلة للمنسق العام للمناهج في لبنان الدكتور جهاد صليبا، فشرح بكل دقة مسار المناهج والإنطلاق من نص الدستور اللبناني وإتفاق الطائف، وتركيز الإطار الوطني على الإنتماء للوطن، وعلى بناء مواطن يعرف حقوقه وواجباته ويكون مبتكراً ومبادراً ومنفتحاً، وأشار صليبا إلى أن المسودة إنطلقت بداية من ثمانية أبحاث سبقت هذه الورقة وتمت بالتعاون بين مكتب البحوث التربوية في المركز التربوي وباحثين تربويين من الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة. وأشار إلى التفاصيل التربوية والتقنية والفنية التي تم أخذها في الإعتبار بعد كل إجتماع وكل ورشة عمل،كما لفت إلى العمل على إنجاز لجنة لضمان الجودة من أجل جودة الوثيقة على المستويات كافة.
زين:
ثم تحدثت الإختصاصية التربوية السيدة سهير زين وهي عضو وشريك في لجان المناهج. وأكدت على الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص. ووضعت المجتمعين في أجواء المواضيع التي طرحها التلامذة في الورشة المخصصة لهم، مشيرة إلى أنهم تطرقوا إلى كل المفاصل وهي مواضيع بالغة الأهمية، وقد ملأ التلامذة إستبياناً ليتم فرز المعطيات والأخذ بها.
نحاس:
وعرض منسق لجان التخطيط الدكتور جورج نحاس الورقة التوجيهية كمدخل إلى سيرورة المناهج، وتناول الأسس والخطة الزمنية مع المحطات المتوقعة، ومهام لجنة التخطيط والورش التي تم إنجازها ، وتعديل الروزنامة والإنتقال إلى التنفيذ في ما بعد. مشيراً إلى تصور واضح لعملية ضمان الجودة. وأشار إلى أن الإطار الوطني هو تطوير المنهاج المعمول به حالياً، وأننا استفدنا من الدراسات والخبرات المحلية والدولية للبناء عليها.
وقال: أخذنا في الإعتبار الخصوصية اللبنانية والوضع التربوي الراهن الذي فرض نفسه بعد الأزمات ، مشدداً على أهمية اللحمة الوطنية وانتماء لبنان العربي، والإنفتاح على العالم، وبناء المواطن الذي يتمتع بالفكر النقدي البناء والتواصل مع شريكه في الوطن.
وتطرق إلى التحولات التربوية في السنوات الأخيرة من التربية الدامجة والرقمنة وانعكاساتهاعلى التربية، وربط مسالك التعليم بين بعضها البعض، وأهمية الربط مع التعليم الجامعي، وشدد على أهمية اللغة العربية كلغة أم، وإتقان اللغات الأجنبية.
وأشار إلى سمات المتعلم، وإلى القيم والتنشئة الوطنية والمقاربة بالكفايات.
ثم كانت مداخلات وأسئلة وملاحظات تتعلق بقضايا الهوية، وتقاطع المواد، والمواطنة الحاضنة للتنوع، وموضوع الإحتياجات الخاصة والدمج والتربية التقويمية. والثقافات المتكاملة بدلاً من الثقافات المتقاتلة وبناء المواطن وليس الفرد فقط .
الوزير مجدداً:
وبعد المداخلات والملاحظات تحدث الوزير مجدداً فقال إنني أعرف الملاحظات واستمعت إلى المداخلات، وقد جئت إلى الشأن العام عن طريق الحوار، وإنني ابحث باستمرار في وجهة نظر الآخر. وبقيت متمسكاً بهذه المبادئ . فالتربية لكل اللبنانيين بكل الطوائف والتوجهات السياسية والفكرية، والورش تضم جميع الناس.
إن بلدنا هو بلد الإختلافات والتوجهات السياسية المتنوعة ، وكنت أمام خيارين إما أن أمثل الطوائف والكفاءات، أو الأحزاب، وقد اخترت الطوائف والكفاءات.
وأؤكد لكم أن المشاركة يجب أن تتم تحت سقف إتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني، وأنا أتقيد بما هو مكرس في الدستور، ولنا مصلحة بأن نتوافق تربوياً لكي نتوافق سياسياً من دون أن نفرض رأينا على الآخر.