لبى وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عباس الحلبي دعوة رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم ، إلى لقاء عقد في مقر الرابطة في المدور ، ورافق الوزير إلى اللقاء كل من رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة هيام إسحق، المدير العام للتربية الأستاذ عماد الأشقر، مستشار الوزير لشؤون التعليم العالي الدكتور نادر حديفة ، والمستشار الإعلامي البيرشمعون ، وشارك فيه الرؤساء السابقون للرابطة وأعضاء المجلس التنفيذي ، وممثلون على المكاتب التربوية للأحزاب والعديد من الجهات المعنية بالتربية والجامعة اللبنانية ، وتولى إدارة الحوار رئيس لجنة التربية في الرابطة الدكتور إيلي مخايل .
رئيس الرابطة :
في البداية ألقى رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم كلمة ترحيب وضع في خلالها الحاضرين في جو اللقاء ، وجاء في كلمته :
للقاضي عباس الحلبي مكانة متقدمة في الرابطة المارونية، قبل أن يعيّن على رأس واحدة من أهم وزارات لبنان وأخطرها: التربية الوطنية والتعليم العالي.
فهو رجل الحوار والانفتاح بامتياز من خلال الدور البارز الذي إضطلع به في لجنة الحوار المسيحي- الإسلامي، إلى جانب نخبة مميزة من وجوه الطوائف اللبنانية الشقيقة، ومن بينها الرئيس السابق للرابطة المارونية الأمير حارس شهاب.
إن الحلبي هو صاحب شخصية سياسية لا تجد عائقاً في طريقها إلى قلوب اللبنانين في كل الطوائف والواقع. لا حدود تقيده، ولا سدود تغلق عليه النوافذ، وترتج الابواب، فهو ذو طبيعة إيجابية، بها يقارب المعضلات، ويفتح آلافاق المستغلقة. وإذا كنا نحسده على الصفات التي يتسم بها، والنجاحات التي حققها في تقريب المسافات وتعميق ثقافة وصل الضفاف بين أبناء الوطن ومناطقه، فإننا لا نحسده على حقيبة وزارية تولاها في أكثر الأوقات حرجاً. إن وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي تواجه تحديات تنؤ بثقلها الجبال. فالاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدحرجة نحو الأسوأ بفعل تعثر خزانة الدولة وتدني العملة الوطنية، كانت لها تداعياتها السلبية على التعليم الرسمي بمختلف مراحله والجامعة اللبنانية، وحال الأساتذة والابنية المدرسية والجامعية. وما زاد في الطين بلة النزوح السوري إلى لبنان ومسألة استيعاب أبناء النازحين في المدارس وما يرتب ذلك من تحديات وأعباء مالية ومشكلات وإشكالات في الداخل اللبناني، ومع الجهات الأممية والدولية المانحة التي يسعى بعضها للضغط من أجل توحيد المناهج التعليمية بين الطلاب اللبنانيين والسوريين، في إطار خطة خبيثة ترمي إلى التمهيد لدمج النازحين السوريين في المجتمع اللبناني.
إننا لا نرحب بالوزير عباس الحلبي في داره،فهو من يرحب بنا في رابطة شدّته إليها أوثق العلاقات. وننتهز فرصة وجوده بيننا ليبسّط ما لديه حول واقع وزارة التربية الوطنية، وما تواجه من عقبات وتحديات، وواقع التعليم في لبنان، خصوصاً في مرحلـة مـا بعـد ″الكورونا″ وأحداث 17 تشرين، وما تلاها من تدهور مالي وأقتصادي غير مسبوق، عدا أزمة النزوح السوري، وما هي الحلول الممكنة للخروج من هذه المحنة التي تضرب إحدى ركائز لبنان، وتشوه وجهه الحضاري والثقافي في الصميم.
الوزير الحلبي :
ثم تحدث الوزير الحلبي عن علاقته الوثيقة بالرابطة المارونية كمساحة وطنية للتلاقي والحوار في القضايا الوطنية والمهمة ، مشيرا إلى أن الحوار هو في فهم معنى لبنان القائم على التعددية الدينية والثقافية، وعدم الأخذ بكل أفكار التقسيم والتجزئة التي يروج لها البعض ، واعتبر انه علينا أن نرصد نقاط الاتفاق لنبني عليها وأن نعرف ما هي نقاط الاختلاف للإستمرار في الحوار في شأنها . وقال نحن في الجبل تربطنا بالموارنة علاقات خاصة ، فيها فترات من السلام والوئام أكثر من فترات الخصام. ولفت إلى الهواجس التي طرحها السفير خليل كرم إزاء مختلف القضايا التربوية والجامعية ، وأشار الوزير الحلبي إلى أن الجامعة اللبنانية تحتاج إلى الاحتضان ،وأن رئيس الجامعة سيلبي دعوة الرابطة إلى جلسة خاصة تتعلق بالجامعة . كذلك أشار إلى أن موضوع النازحين هو الملف الذي ورثه ، فمنذ العام 2014 بدأ بدوام بعد الظهر للسوريين ولبعض التلامذة من غير اللبنانيين . مؤكدا أن هناك نحو 320 مدرسة تعتمد دوام بعد الظهر ، ويقوم بتدريس التلامذة نحو 14000 معلم من المستعان بهم الذين تدفع الجهات المانحة بدل اتعابهم وأن عدد التلاميذ في دوام بعض الظهر يبلغ نحو 160,000 متعلم .
وفي دوام قبل الظهر يوجد 35,000 تلميذ من أم اللبنانية أو مكتوم القيد . وشدد الوزير على أنه لم يطرح علينا أي أحد موضوع دمج التلاميذ السوريين بالتلاميذ اللبنانيين، وأوضح انه يتبع سياسة الحكومة اللبنانية الرافضة لموضوع دمج النازحين بالتلاميذ اللبنانيين .
وفي موضوع المناهج التربوية اعتبر الوزير الحلبي أن التطوير مطلوب يوميا وقد أقرينا الإطار الوطني لمنهاج التعليم العام قبل الجامعي ، بشراكة مع جميع المكونات اللبنانية، وهو شبه طائف تربوي، وقد استوجب توافقا بين جميع المكونات التربوية اللبنانية ، ووصلنا اليوم إلى استقطاب خبراء في كتابة مناهج المواد الدراسية بعدما تمت القراءة النهائية للاوراق المساند للإطار الوطني . وأشار إلى أن من يتمتع بالكفاءة فإنه مطلوب لكتابة مناهج المواد .
أما بالنسبة للاعتداءات الإسرائيلية في الجنوب فقد عبر الوزير عن أسفه لاستمرار الوضع حتى الآن أربعة أشهر ونصف الشهر ، وادت الإعتداءات الوحشية الإسرائيلية إلى سقوط شهداء وجرحى ومنهم تلامذة وأساتذة ، فيما هناك فئة نزحت وفئة صامدة في المنازل وأشار إلى أن الوزارة فتحت مراكز استجابة للتعليم العام والتعليم المهني والتقني ، وهناك فريق من الأهالي والتلامذة الصامدين في منازلهم، فقررنا تعليمهم من بعد ، ووزعنا تجهيزات لهذه الغاية مثل تابليت للتلاميذ وأجهزة لابتوب للمعلمين، ويتم تدريبهم من خلال المركز التربوي للبحوث والإنماء بالتعاون مع مكتب اليونسكو الإقليمي على مقررات التدريب من بعد، أما بخصوص الجامعة اللبنانية فاعتبر أنه من الإيجابيات إنني وفقت في اختيار الرئيس للجامعة وتم تعيينه بالأصالة. وأشار الوزير إلى أنه ورئيس الجامعة يلعبان دور مجلس الجامعة ، وتم إنجاز دخول الأساتذة المتفرغين إلى الملاك، وتم إنجاز عقود المشاهرة للمدربين كما تم تعزيز موازنة الجامعة وصندوق التعاضد وقيام موضوع تفرغ الأساتذة المتعاقدين وتعيين العمداء هذا التعيين الذي تعثر لخلاف في السياسة وليس للجامعة علاقة بذلك. أما الأمر الأهم فهو إعادة صلاحيات مجلس الجامعة إلى الجامعة، وهذا ما نسعى إليه .
كما قال الوزير في موضوع التعليم الخاص اعتبر أن همنا أيضا هوالمدرسة الخاصة التي تحتضن نحو 70% من تلاميذ لبنان وهي من فئات متعددة المستويات ، ونحن حرصاء ليستمر القطاع الذي واجه انعكاس الأزمة عليه، من رواتب وأقساط ولم تتعدل القوانين الناظمة للتعليم خاص، فقد عملنا على صيغة للتفاهم بين المؤسسات ونقابة المعلمين، بمعنى أن هذه الصيغة لا ترهق الأهل وتؤمن الكلفة التشغيلية للمدرسة .
وهنا شرح المدير العام للتربية الأستاذ عماد الأشقر بوصفه رئيسا لمجلس إدارة صندوق التعويضات في المدارس الخاصة ،أن الصندوق التقاعد يخدم نحو 4000 أستاذ رواتبهم أعلاها 2,500,000 ليرة ويدفع كل مستفيد نحو 800,000 ليرة للضمان ، ولفتت إلى أن التعويضات تذوب من مالية الصندوق ، وأن الوزير تلقف الموضوع وتوصل إلى بروتوكول ، فهناك مدارس دفعت المطلوب وأخرى تطلب من الأهل.
أما في ما يتعلق بالجنوب فقد لفت الوزيرإلى اننا في الوزارة طلبنا من المؤسسات التربوية إستيعاب اي تلميذ ينزح إليها من الجنوب والنبطية ووزعنا نحو 3200 Laptop وثلاثة آلاف Tablet على التلاميذ ، وسيكون للمناطق الحدودية في الجنوب تدبير خاص بالنسبة للامتحانات الرسمية. أما في موضوع المناهج التي يتم اعتمادها في المدارس قبل الظهر وبعض الظهر فأكد الوزير أن المناهج هي من سيادة الدولة وإننا ندرس المناهج اللبنانية وعلى أيدي أساتذة لبنانيين.
من جهة ثانية تحدثت رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة هي إسحق فلفتت إلى أننا بإشراف مباشر من معالي الوزير عملنا على تسريع عملية تطوير المناهج التربوية على الرغم من كل التحديات، وعمل جميع الأطراف التربويين من خلال مدارسهم على إرساء توافق بين الجميع، وأطلقنا الإطار الوطني لمنهاج التعليم العام قبل الجامعي ، ثم تم إنجاز الأوراق العشر المساندة للإطار بحسب المقاربة بالكفايات والتقويم بالكفايات، وتم العمل على توسيع إطار المدارس الدامجة لذوي الاحتياجات الخاصة مع أقرانهم من خلال المنهج ، كذلك إنجاز عينة تجريبية ووصلنا إلى تقييمها، ونحن في هذه الفترة في نهاية العمل من أجل استقطاب خبراء من بين نحو 650 خبيرا تقدموا على المنصة للمشاركة في كتابة مناهج المواد ، ومن بعد ذلك يتم تأليف الكتب بعد صدور المنهج المفصل .
من جهته تحدث الاب يوسف نصر وهو الأمين العام للمدارس الكاثوليكية ووجه التحية للوزير على جهوده الجبارة ، واعتبر أنه الحريص على التعليم الرسمي كما هو حريص على التعليم الخاص. وقال نريد أن نرى الدولة إلى جانبنا ، ونأمل بتفعيل المجلس الاستراتيجي التربوي ، كما نأمل تعيين مجلس الإشراف على صندوق التعويضات في التعليم الخاص، ونتمنى أيضا تعيين مجلس الاختصاصيين للمركز التربوي للبحوث والإنماء، كما تعيين مجلس الجامعة اللبنانية أي عمداء الجامعة. ولفت إلى هناك مناشدة من طلاب الصفوف النهائية في المناطق الحدودية تطلب تشريع التعليم من بعد، لأن الكثير منهم بقي في منزله ولا يستطيع الوصول إلى مدارس الإستجابة للأوضاع الطارئة ،كما طالب بالمجالس التحكيمية في المحافظات للفصل في النزاعات بين المدارس الخاصة والأهل. وقال نحن ندفع ثمن وجود المدارس الدكاكين . ثم شكر الوزير مجددا على جهوده في وضع البروتوكول الذي تم بإشرافه ، وقال نحن نحتاج إلى صيغة إلزام ونأمل أن نأخذ وقتنا لتعديل القانون 515 .
من جهته الرئيس السابق للرابطة المارونية والنائب السابق المحامي نعمة الله أبي نصر ، أشار إلى عيد الأبجدية في الحادي عشر من شهر آذار، وأمل من الوزير إصدار تعميم إلى المدارس الرسمية والخاصة للإحتفال بمناسبة عيد الأبجدية، واكد له الوزير ان التعميم قد صدر .
الرئيس السابق للرابطة الأمير حارس شهاب عبر عن سعادته بأن تتمثل لجنة الحوار المسيحي الإسلامي بشخص الوزير الذي يتابع موضوع العيش المشترك ويعمل من خلاله وتمنى أن يدخل موضوع الحوار الإسلامي المسيحي في المناهج التربوية.
ثم توالى على الكلام أعضاء المجلس التنفيذي وممثلو الأحزاب والجامعة اللبنانية ، فكان تاكيد على أن مناهجنا لا تزال رغم كل شيء على مستوى جيد وأن أولادنا في الخارج يشرفون لبنان، وأن الهيئة العليا للمناهج تشرف وتوافق على كل مرحلة . أما في موضوع ملف تفرغ المتعاقدين فقد عبر البعض عن الخشية من أن يتم رفع الأعداد أكثر من حاجة الجامعة. وتم توجيه الشكر إلى الوزير على المساعدات التي اعطيت للأساتذة خصوصا الأخيرة منها على سبيل الإنتاجية، واعتبر أن هذه الإنتاجية امنت التعليم الحضوري وعبر البعض الآخر عن أمله في أن يكون المشروع متوازنا بالمواصفات ضمن الكفاءة، كما أمل بإعادة صلاحيات مجلس الجامعة والبدء بتشكيل المجلس .
من جهته أشار رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين الدكتور انطوان شربل إلى اهمية ما تم من إدخال المتفرغين في الجامعة إلى الملاك ، واعتبر أن إدخال أساتذة الجامعة إلى الملاك أعطاهم شعورا بالاستقرار، وأصبحنا على مدى سنتين خارج التعطيل، لأن الجامعة لم تعطل ولم تضرب مجددا، واعتبر أن الإنتاجية ساعدت الأساتذة على الحضور والتدريس، وأن تصديق موازنة الجامعة أمر جيد ، وشدد على دعم صندوق التعاضد للأساتذة ، وأن التفرغ حاجة للجامعة وللأستاذ المتعاقد ، إذ أن الوضع الحالي هو 33% في الملاك وسبعة وستين% متعاقدون وإن الوضع الطبيعي أن تكون النسب معكوسة ، وطالب بالإنتاجية للأساتذة المتعاقدين في الجامعة وتعديل أجر الساعة ، وتطبيق المشاهرة على عقود الأساتذة كما تم تطبيقها على الإداريين والمدربين ، كما طالب بسلسة جديدة للرتب والرواتب ،تكون مقبولة .
من جهة ثانية طلب بعض ممثلين قطاع التعليم الخاص بأن يكون للتعليم الخاص تشريع خاص ، وأن المطلوب الالتزام بمبدأ الاعتماد للمدارس الخاصة على غرار الجامعات .
الوزير ختم اللقاء مجددا بكلام اعتبر فيه أن التعليم للجميع حق مقدس لكل طفل ولكل ولد موجود على الأراضي اللبنانية ، وأنه لن يقدم ملفا للتفرغ إلى مجلس الوزراء مهما كان الوضع، إلا إذا كان هناك توازن وقبول ، وأول المعايير هو حاجات الجامعة، ولفت إلى أننا قمنا بخطوات إصلاحية للتعليم الرسمي بجناحيه العام والمهني أيضا.