رعى وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة، الإحتفال بالعيد السادس والأربعين لتأسيس المركز التربوي وتكريم الموظفين المتقاعدين الذي أقيم في مبنى المطبعة في سن الفيل في حضور المدير العام للتربية فادي يرق ، عميدة كلية التربية في الجامعة اللبنانية الدكتورة تيريز الهاشم ، الرئيس الأسبق للمركز البروفسور منير أبو عسلي ، مديرة الإمتحانات في الوزارة هيلدا الخوري، مستشارة الوزير لشؤون التعليم العالي الدكتورة جنان شعبان، المستشار الاعلامي ألبير شمعون، رؤساء المكاتب في المركز التربوي: الدكتورة غيتا حنا للبحوث التربوية ، الآنسة رانيا غصوب للإعداد والتدريب والأستاذ جورج نهرا للتجهيزات والوسائل التربوية، السيدة رنا عبد الله منسقة الهيئة الأكاديمية والسيد باسم عيسى منسق الوحدات الفنية وجمع من المسؤولين التربويين والموظفين والمكرمين الذين بلغوا التقاعد .
عويجان :
بعد النشيد الوطني وكلمة تقديم من مدير دار المعلمين في حاصبيا أكرم سابق تحدثت رئيسة المركز الدكتورة ندى عويجان فقالت :
"لو لم يكن موجوداً لكان علينا إيجاده". بهذه العبارة، يطفئ المركز التربوي للبحوث والإنماء شمعته السادسة والأربعين، مواصلا بذلك مسيرة عطائه المستمر، ونضجه المثمر الراسخ في خدمة التربية.
من هنا، نرى المركز التربوي يستعمل كل ما عنده من إمكانيات بشريّة ومادّية للقيام بمهامه. وسيظلّ ملتزماً، بلا رجوع، عصرنة المناهج التربوية من خلال تطوير مناهج مرنة ورشيقة وتفاعلية، طريقاً إلى تنمية الإنسان والمجتمع. وتبقى تنمية المتعلّم اللبناني ثروتنا الفريدة ورأسمال لبنان الأوّل في التنمية المستدامة. وسننتقل إلى "خطّة ترسيخ الإنماء التربوي المستدام"، والانخرط في أساليب جديدة للتدريس من خلال نظام يحدد دورا جديدا للمدرسة في بناء جيل جديد من المتعلّمين، يكونون شركاء في بناء معرفتهم وتحديث مهاراتهم، ومن ثم شركاء في بناء الوطن الذي نريد والجيل الذي نعتزم إعداده. ما يعني أننا بصدد خطة بعيدة المدى تؤسس للشروع في تطبيق نظام تربوي متكامل، له مرتكزاته الفلسفية وأبعاده الوطنية وأهدافة الإنسانيّة والقيميّة والإجتماعيّة والإقتصاديّة، تتشارك في بنائه مؤسسات التعليم العام التربويّة، والتعليم العالي والتعليم المهني والتقني لبناء المواطن والوطن، وارساء الرخاء الاجتماعي، وتلبية حاجات سوق العمل لمهارات جديدة ومعاصرة.
لذا، فإننا منفتحون على كل الإسهامات البنّاءة لرفد هذه الورشة الكبرى، لننطلق بها بكل شجاعة وإقدام وعقل منفتح، لوضع مناهج قيميّة، تحض على التفكير والتحليل والبحث والإستناج والتعلّم مدى الحياة، وتحرر المتعلم من دوره كمستهلك للمعرفة لتجعله شريكا ومنتجا لها.
وتصويبا للأنظار على أهميّة فهم دور المركز التربويّ في قيادة عمليّة تطوير المناهج، ومسؤوليتّه في إرساء الشراكات اللازمة، والتنسيق مع المرجعيّات التربوية في القطاعين الرسمي والخاص على الصعيدين المحلي والدولي، وعلى ادراك دوره الريادي في تطوير التربية في محيطه العربي، وفي محيط كوني أوسع تتعاظم فيه تحدّيات إدارة الاختلاف والتنوّع، لا بد في البداية من التنبّه الى اسمه "المركز التربوي للبحوث والإنماء" الذي تكمن في داخله غاية انشائه، والذي يدل الى أولى مهامّه:
1) الأبحاث والإحصاءات التربوية.
2) الانماء التربوي من خلال الخطط التربوية واللجان العاملة في حقل التخطيط.
3) المناهج الدراسية (بما في ذلك إنتاج الكتب المدرسية والمنشورات والوسائل التربوية، وإقرار نمط أسئلة الامتحانات الرسمية ومتابعة أعمال اللجان الفاحصة).
4) التدريب لجميع العاملين في جميع مراحل التعليم وحقوله (ما قبل الجامعي) مع اقتراح الشروط الواجب توافرها في المرشّحين.
5) اقتراح الشروط الفنيّة والصحيّة الواجب توافرها في الأبنية المدرسيّة والتجهيزات التربوية.
6) القيام بأعمال التوثيق التربوي وتنظيم مكتبة تربوية مركزية.
من مهام المركز التربوي أيضا، تشكيل فريق بحثي مختص، واصدار مجلّة محكّمة، وكل عمل تربوي يصبغ بالإبداع والأفكار والانجازات. كما واجراء اختبارات لأي جديد يُقترح إدخاله في المنهج من حيث المحتوى وطرائق التعليم والتعلّم وأسس التقويم، قبل تعميمه على الصعيد التربوي الوطني. ففي مختبرات مراكز الأبحاث التربوية تُبنى النماذج التربوية الجديدة، وتخضع للتجريب والتقييم والتعديل، قبل أن تُنشر وتوضع في مرمى التدريب والتطبيق.
فتطوير المناهج لا يُرتجل، بل يُبنى، ويُحصّن في مراكز البحث التربوي، وتوضع له أطر مرجعيّة وموارد ووسائل وأدلّة تربويّة، يتدرّب على استخدامها المشاركون في هندسة المناهج وصياغتها، وترجمتها إلى كتب وأنشطة ورقية ورقمية.
وتجدر الاشارة أن "الأبحاث التربوية" و"مشروع الاحصاء التربوي الشامل"، المنوطة بالمركز التربوي، تشكل حجر الزاوية في كلّ إنماء تربوي. لأن جمع المعطيات عن الواقع، وعمليات التشخيص والتحليل والتخطيط والاستشراف، والقدرة على المبادرة، والتفكّر في الشأن التربوي بعقل بارد محلّل، ناقد، لتحريك الركود التربوي، تمهيداً لكلّ عمل تغييري، واستكمال عمليّة النهوض والإنماء في المجال التربويّ، لا بد أن تبدأ من البحث العلمي.
أمام هذه المهام الضخمة التي سبق ذكرها، يعاني المركز التربوي من شغور في مجلس الأخصائيين وفي فريق العمل الدائم من حيث العدد والاختصاصات المتعددة والجديدة، ومن نقص في التجهيزات في جميع المكاتب والدوائر والاقسام. فعلى مدى سنوات عدّة، أهمل المركز التربوي، وفرّغ من مستخدميه. وعلى مدى سنوات لم يدعم لا بشريا ولا ماديا.
عشيّة بدء التحضير لمشروع تطوير المناهج، يحتاج المركز التربوي إلى كفايات وخبرات بشريّة متنوعة. ويحتاج أيضا الى توافر الموازنات اللازمة للقيام بالمهام الكثيرة الموكلة اليه. وعلى هذا الصعيد لا بدّ أولا، من اخراجه من المعادلات والتجاذبات السياسيّة، ولا بد من استصدار بعض المراسيم والقوانين الازمة التي تسهّل عمله، وخلق جو سياسي جدّي مؤمن ومدرك لأهميّة هذه المؤسسة الرائدة، ومتبنّي لدعم المركز التربوي ماديا وبشريا من المصادر الداخليّة والخارجيّة.
على هذا المنعطف الحاسم في مسيرة الإصلاح التربوي، تحتاج هذه المؤسسة الى تطبيق العدالة الاجتماعيّة واعطاء كل ذي حق حقّه، والى احتضانها لاسترجاع مكانتها الفعليّة، وعدم احجابها عن تطبيق وظائفها أوالسماح لأي نوع من أنواع الازدواجية التي تتعلّق بمهامها، وذلك انسجاما مع الدستور اللبناني والقوانين والمراسيم المرعية الاجراء.
كما وأنه لا بد من رسم خارطة الطريق لبلوغ هذه التطلعات والإنطلاق من الإنجازات والنجاحات وعدم التنكر لها، وتأمين التراكمية والإستمرارية للمشاريع التربوية، بغض النظر عن الأشخاص في سدة المسؤولية، والشراكة الفعلية والمسؤولة مع المديرية العامة للتربية وكلية التربية في الجامعة اللبنانية، والمؤسسات التربوية الخاصة، والنقابات وروابط المعلمين والمجتمع المدني والبلديات والمؤسسات والإدارات الرسمية ذات الصلة والمنظمات والجمعيات الوطنية والدولية التي تعنى بالتربية.
"يسرنا اليوم أن نحتفل بالعيد 46 لذكرى تأسيس المركز التربوي، برعاية وحضور معالي الوزير الاستاذ مروان حمادة، رأس الهرم التربوي. الذي لا يوفر مناسبة تربوية أو وطنية إلا ويشدد على أهمية دور المركز التربوي في المضي قدماً بورشة تطوير المناهج الوطنيّة. ويعمل على تأمين مستلزمات اطلاقها بالزخم الذي تستحقه. أن دعمكم يا معالي الوزير يعطي المزيد من الدفع المعنوي للمركز التربوي، ويقوي الإنخراط بين القطاعين العام والخاص بهذه الورشة الكبرى ويفتح الافاق لكل جديد أو متجدد.
في هذه المناسبة السعيدة، يحلو لنا أن نتذكر ونذكّر ببعض ما حققناه معاً على الرغم من كل الظروف. فقد وقّع المركز التربوي اتفاقيات ومذكرات تعاون حول مواضيع متعددة منها:
- اطلاق مشروع نموذج الصف التفاعلي،
- تعميم مفهوم وتطبيق المدارس الخضراء،
- تعزيز قراءة اللغة العربية،
- تعزيز التوعية حول الرفق بالحيوان وحماية الحيوانات المهددة بالإنقراض،
- الموارد المفتوحة ونقل المعرفة،
- بذور السلام،
- خدمة المجتمع،
- جودة التعليم وتطوير مراكز الموارد في مراكز التدريب، وغيرها من مذكرات التفاهم.
اضافة الى ذلك، عمل المركز التربوي على الكثير من المشاريع، فعلى سبيل المثال لا الـحصر:
- اعاد توصيف مسابقات الامتحانات الرسمية لأكثر مرونة وبدأ التحضير لمشروع توصيف الامتحانات الرسمية لذوي الصعوبات التعلمية،
- أطلق مشروع دليلنا التربوي لدعم الامتحانات الرسمية،
- أعد اقتراح تطوير منهجي التربية الوطنية والفلسفة
- شارك في تنظيم مؤتمر تعليم التاريخ،
- بدئ العمل على مشروع تحديد الموهبة،
- إطلق الأطر المرجعية للمهن الاربعة مع وزارة التربية،
- وضع هيكلية لمنهج تدريب المعلمين،
- أنجز العديد من الوسائل والانشطة التربوية،
- طوّر بنية منصة الكترونية تفاعلية لمصلحة تدريب أفراد الهيئة التعليمية في تعزيز تعليم اللغة العربية سيتم تحميل الانشطة عليها لاحقا،
- تابع مشروع تعليم اللغة الايطالية،
- إفتتح المبنى الجديد لدار المعلمين والمعلمات في عاليه،
- اعاد العمل على مشروعي النوع الإجتماعي ومخاطر حوادث السير،
- جهز مركز معلوماتي DATA CENTER ،
- ساهم في انخفاض أسعار الكتب الوطنية بنسبة 10% من خلال مناقصة عمومية
كما ومن خلال الاتفاقيات الموقعة بين وزارة التربية والمنظمات الدولية، شارك المركز التربوي في الكثير من الانشطة المتعلقة بمهامه. وغيرها الكثير الكثير من ورش العمل ودورات التدريب والمشاركة في المؤتمرات المحلية والدولية.
وأخيرا، وضع المركز التربوي سلسلة من الأهداف نأمل أن نلقى رعاية معالي الوزير ودعمه لتحقيقها. وكل هذه الانجازات لم تكن لتتحقق لولا فريق عمل المركز التربوي الكفوؤ.
في كل سنة تخسر العائلة التربوية والمركز التربوي نخبة من كوادره على المستويات كافة، التربوية والإدارية والفنية، وهذه الخسارة لا يمكن تعويضها لأن لكل منكم بصمته وإسهاماته المشكورة في ميدان عمله. إن المركز التربوي يقدّر عطاءاتكم ويعتز بمسيرتكم ويثمن تضحياتكم السخية للتربية وللمركز وللأجيال في لبنان. وبإسم الجميع أتمنى لكل منكم الصحة والتوفيق والعمر المديد مع أحبائكم، وسوف تبقى نتائج أعمالكم نوراً يرشد من يتسلّم المسؤولية من بعدكم للإستمرار في الخدمة.
وبمناسبة العيد السادس والأربعون لتأسيس المركز التربوي للبحوث والانماء أود أن أتوجه، هذا العام أيضا، بتحية تقدير ومحبة وعرفان بالجميل نحو جميع الشخصيات التي تعاقبت على رئاسة المركز التربوي، وقد عمل كل منهم بكل جهد ومثابرة من أجل التربية بحسب الإمكانات البشرية والمالية والقرارات السياسية المتوافرة له.
كما أحييك أنتم الذين عملتم وتعملون في هذه المؤسسة على المستويات التربوية والإدارية والإستشارية كافة، وأهنئكم بالذكرى الوطنية المتمايزة وأشكركم على مثابرتهم ومصداقيتكم وتضحياتكم لمؤسستكم رغم الظروف الصعبة والغبن المادي الذي لحقكم على مدى سنوات وما زال.
وأعاهدكم على متابعة الجهد الذي بدأتموه بكل صدق وزخم ومسؤولية من أجل خدمة التربية وأجيال المتعلمين، وبلوغ الانجازات الوطنية المرجوّة. فنحدد الهوية والإنتماء ضمن مناخ من العدالة والمساواة والحرية والديموقراطية والحوار والإنفتاح والمحبة وترسيخ الممارسات الفضلى في احترام الآخر وتطبيق القوانين والمواثيق الوطنية.
المركز التربوي في عيده السادس والأربعين مؤسسة ناضجة متألّقة ومفعمة بالحيوية والإنتاج تفتح قلبها لجميع المخلصين الذين أخذوا على عاتقهم مهمة التجديد التربوي. فلنتمنى للمؤسسة دوام الإزدهار لأن نجاحها يعني نجاحكم ويعني أيضا نهوض التربية وبناء البشر في خدمة بناء الوطن لبنان.
في النهاية، تبقى الحقيقة الثابتة وهي أن المركز التربوي للبحوث والانماء، مثل طائر الفينيق، يحترق ليولد من رماده فينيق جديد متجدد."
أبو عرم :
بعد ذلك تحدث رئيس قسم اللغة العربية عمر أبو عرم باسم المكرمين الذين بلغوا التقاعد فقال :
أن تتكلّم من القلب إلى القلب، يعني أنّك تتحدّث عن زملاء صادقين صدوقين. وخشية أن تُتَّهم بالانحياز المطلق إليهم، عليك أن توائم بين العاطفة والعقل من دون أن تنسى الموضوعية لأنه من المستحيل على المرء أن يحيط بكل الصفات التي تميّز زملاءه وأحبّاءه.
ومخافة أن أقصّر في جانب وأستفيض في آخر آثرت الغيض عن الفيض في هذا الجمع البهيّ بمناسبة العيد السادس والأربعين للمركز التّربويّ وتكريم المتقاعدين الذين كان لي شرف إلقاء كلمة باسمهم فإلى هؤلاء الزملاء أتوجّه بالقول:
أنتم نخبة من الذين واكبوا المركز التّربويّ في أثناء الأحداث الأليمة قبل الحرب وبعدها، وشكّلتم في مثابرتكم وتفانيكم نموذجاً يُحتذى في الوطنيّة والعيش الواحد، وعبّرتم عن مهمّة المركز التّربويّ ودوره في تآلفكم العائليّ وتكاتفكم من أجل تحقيق الإنجازات المطلوبة.
زميلاتي وزملائي إنّ التّرجّل عن الكرسيّ الوظيفيّ ليس النّهاية بل هو بداية حقيقيّة لمرحلة أخرى يواصل فيها المرء مسيرة عطائه بالقدر نفسه من الإخلاص في القول والعمل. وإنّني أتمنّى لكم مرحلة جميلة من الحياة مليئة بالصّحّة مكلّلة بالرضى، وأن تكونوا منارات تشعّ حيثما حللتم، تخدمون عائلاتكم ومجتمعكم ووطنكم، متوجّهين نحو الخير العام الذي هو خبزُكُم اليوميّ.
وإلى الزّميلات والزّملاء الذين ما زالوا يتابعون العمل في المركز، أقول:
لو رحت ألملم من الشّواطىء رمالها ومن البحار مياهها وحوّلتها إلى مداد، وانبريت أكتب وأكتب لنفذ المداد من دون أن أصل إلى حقيقة مشاعري نحوكم وصدق إحساسي تجاهكم. وهيهات هيهات أن أبلغ مناي، فما هو مكنون في داخلي من شعور وأحاسيس تجاهكم لا يمكن أن يوصف باللّسان أو البنان. لقد قضيت معكم وبينكم أيّاماً أحلى من الشّهد وأجمل من الورد، مضت كلمح البصر وهكذا هو دأب الأيّام الجميلة، وهذا هو شأن اللّحظات السّعيدة لا تدوم طويلًا. فما تلبث أن تشتعل حتّى تنطفئ ولا تكاد تثورَ حتّى تخور. وهنا لا بدّ لي من أن أتوجّه بالشّكر الجزيل إلى حضرة المدير الإداريّ الأستاذ حنّا مسلّم وإلى فريق العمل الذي تعاون معي بإخلاصٍ وتفانٍ وبروحٍ من المسؤوليّة العالية: الآنسة سيدة الأحمر، السّيّدة خديجة المصري، السّيّدة هلا سعد والسّيّدة كرمن مشلب من دون أن أنسى أو أتناسى زميلاتي رؤساء أقسام الهيئة الأكاديميّة المشتركة اللواتي أكنّ لهنّ كلّ الاحترام والتّقدير.
وهنا لا بدّ لي من أن أخصّ معالي الوزير حمادة ورئيسة المركز التّربويّ د. ندى عويجان ببضع كلمات وهي أقلّ ما يقال فيهما.
معالي الوزير حمادة، موحية خواطره، وطنيّته حضور دائم يتجاوز التّخوم. هو إنسانٌ رمزٌ ومجمعُ رجال. لفرط صفاء الرّوح عنده تخالُهُ في حال نعمة دائمة.
راسخ إيمان موروثه، متعدِّدُ الرّوافد مُضافًا إلى مواهبَ جمّةٍ حملتها التّجربة فحوّلت الجدليّةَ يقينًا.
معالي الوزير حمادة كليُّ الانتماء، مطلق الولاء في الوطنيّة لا نسبيّة عنده وفي الإنسانيّة لا استنساب.
الرّجال عنده اكتمال، الأنصاف والأرباع ساقطة من الحسبان وفي الهُويّةِ لا تسوية عنده لا عداء مسبقًا ولا استعداء.
على قمّة الفكر السّياسيّ هو هادف وهدّاف له شهامة الموقف، صوّاب الطّرح وشجاعة الجهر.
أمّا رئيسة المركز فهي التي لم يَبْهَرْها وهج الكرسيّ ولم يَغُرَّها ضوء الشّهرة. لقد جاءت من معجن الرّسالة ومن حقل العطاء ولم تتغيّر، بقيت هي هي، متسلّحة بالعلم والقِيَم والرّصانة. هي التي تحمل في شخصيّتها كلّ مقوّمات الإنسانيّة، كلّ ملامح المسؤول الّذي يتحسّس عبء المسؤوليّة الملقاة على عاتقه. لقد أثبتت دائمًا أنّها تختزن في نفسها وسلوكها الحياتيّ تربية عائليّة متميّزة، عنوانها نظافة الكفّ واحترام الآخر، وهذا ما جسّد انفتاحًا راقيًا لمسناه في علاقتها بموظّفي المركز.
أخيرًا أتمنّى للجميع أعيادًا مجيدة وأعوامًا سعيدة، راجيًا من الله أن ينعم لبنان بالسّلام وأن يرفُل بثوب الحبّ والعطاء والازدهار، فيفرحَ الشّهداء الّذين قدّموا أرواحهم فداء هذا الوطن الحبيب.
الوزير حمادة :
ثم تحدث راعي الإحتفال الوزير حمادة فقال :
في العيد السادس والأربعين للمركز التربوي أود أن أتوجه إلى رئيسة المركز الدكتورة ندى عويجان وفريق العمل وإلى عميد رؤساء المركز البروفسور أبو عسلي بألف تحية على ما قمتم به ، وأتذكر حكومة الشباب في العام 1972 عندما أسس الرئيس سليمان فرنجية والرئيس صائب سلام ووزير التربية نجيب أبو حيدر المركز التربوي ، وكان المجلس النيابي يحوي كل أجنحة لبنان من الحلف والنهج وكان الصدام الكبير بين العسكريتاريا من جهة وبين اليبراليين من جهة أخرى على شاكلة لبنان .وأعتقد أن من أبدع الأفكار في ذلك الحين كانت فكرة إنشاء المركز ،هذه المؤسسة التي أعطت للتربية في لبنان آفاقا جديدة ، فالتربية هي الثروة الأساسية سيما وأن البترول والغاز ما زال ثروة إفتراضية حتى الآن . التربية هي الثروة الحقيقية في الداخل والخارج وفي الإبداع والتصدير... وأنتم هنا المفصل الأساسي ومعكم طبعا شركاء كثر ، ويهمني أن يأخذ المركز مجاله ومداه كما في السابق . فهذه المرحلة هي للإنطلاق والدعم الكامل من جانب الوزير والوزارة والجامعة اللبنانية حيث يقوم كل جانب بواجبه في هذه الورشة .
نحن اليوم في خضم ورشة المناهج التي انطلقت بقوة وتعاون الجميع ، لقد سمعت مطالب العاملين لنيل حقوقهم ووعدتك أن أوقع اليوم على مراسلة بهذا الخصوص وسوف أفعل لتوفير هذه الحقوق . وأقول للجميع أن الوضع الإقتصادي دقيق والوضع المالي دقيق أيضا ، وقد سمعنا كلاما بالأمس في المجلس أنه ليس هنك أموال للسلاسل والزيادات ، ولكنني لا أعتبر الإنفاق على التربية والتخطيط والتجديد التربوي إنفاقا غير مجد ، بل أن كل ما نتحدث عنه الآن هو ترتيب الحقوق من ضمن القانون الذي صدر وروحيته .
تتمتعين بمزايا جميلة جدًا كالإصرار والعناد والتي هي من أجمل الفضائل عند المرأة خاصة عندما تكون في منصب مسؤولية كبير كالذي تتولينه.
لذلك يجب أن تزيدي العديد في المركز وتطلقي برامجك، خاصة أنه هناك اعتراف دولي بأن قسم كبير من المساعدات التي سنتلقاها باستثناء التمويل الخاص بالنازحين السوريين، هي للمركز التربوي.
إن هدف المشروع هو توفير الإمكانات سيما وأن الموازنة لا نعرف كيف ستكون أرقامها وربما نضطر إلى موازنة أضيق من السابقة إذ أنها كانت تشكو من عجز هائل ويتنامى ولا يجوز أن نتركه يتنامى لأن كل الأحلام بالإستثمارات الجديدة وبوثبة اقتصادية وبمؤتمرات لدعم لبنان يمكن أن تتبخر كلها في حال قدمنا موازنة مكبلة بمليار دولار زيادة عن العام الماضي فقط في باب خدمة الدين .لذا سوف نعول في التربية بصورة أكبر على الدعم الذي يأتينا وسوف نقدم معكم في أقرب وقت برنامجنا للبنك الدولي ونتسلم في بداية السنة الجزء المخصص لكل جهة في العائلة التربوية . أضاف:
في هذا العيد أحيي جميع المكرمين والذين غادروا سابقا أو سيغادرونها لاحقا على كل إنجازاتهم ، فقد كرسوا هذه الروحية التربوية الثقافية البعيدة عن الخلفيات السياسية ، فالتربية في لبنان محيدة عن السياسة ، وهناك تباينان نتيجة التركيبة اللبنانية نحن سنتولى معالجتها في التربية بالتعاون مع المركز ومن خلال المناهج الجديدة المنتظرة والكتب وكتب التربية والتاريخ ، وأعرف كم تعملون وكم نتعرض من بعض الصحف الصفراء من هجوم لا مبرر له سوى اننا نسعى أمر واحد هو توحيد كتاب التاريخ لأن تاريخنا واحد فهناك صياغة واحدة مع قراءات متنوعة ، وأود في هذا السياق أن أذكر بالمؤرخ الكبير كمال الصليبي الذي قال عن البيت اللبناني بمنازل متعددة فهذا هو لبنان ونحن سوف نترجم ذلك في مناهجنا . كما أود التذكير بحديث الرئيس الفرنسي ماكرون عن طريقة لحل أزمة سوريا وهي باعتماد تجربة التنوع اللبناني ضمن الوحدة ، أي نقل تجربة هذا النظام الشفاف المنفتح الذي لديه مشاكله بسبب التعددية ولكنه يجمع الكل . باستقلاله ووحدته وعروبته على الرغم من الخلافات ولكننا متفقون على الثوابت.
وتابع الوزير حمادة:
في هذا العيد الجميل أود أن أشد على يد رئيسة المركز الدكتورة ندى عويجان وفريق عملها الذي يغلب عليه حضور السيدات المتميزات في مواقع المسؤولية المختلفة، كما أشد على أيديكم جميعاً، وأتمنى لكم وللمؤسسة النجاح والتفوق في أعمالكم، والصحة الجيدة لكم ولعائلاتكم.
وإذا كان نظام المركز يتبع لنظام المؤسسات العامة ولا يتضمن الإفادة من نظام التقاعد، فإنني أتفهم الغصة والألم، كما أتفهم إضرابكم للحصول على المساواة في الحقوق، سيما وأنكم تقومون بواجباتكم خير قيام، وتنتظركم أعمال وإنجازات كثيرة ومهمة لتحقيق التطوير التربوي المنشود.
وغنني أحيي هنا أيضا جهود المدير العام للتربية العزيز فادي يرق الذي يتلقى العديد من الشكاوى والمراجعات يوميا بسبب الأقساط المدرسية ، وقد استمعت إلى كلمة فخامة الرئيس في حضور أحبار الكنيسة الذين زاروه وعرضوا مشكلة الأقساط ونحن نجتمع يوميا معهم ، وأنا متفق مع الرئيس وأثمن هذا الكلام ، وعندي ملاحظة واحدة كنت سمعتها في مجلس الوزراء بعدم وجود قرش في الموازنة لهذا الغرض وأتصور أن ما طرحه الرئيس أن الثلاثي التربوي هو من سيجد الحل ، سيما وأن الدولة تدفع تعويضات للمؤسسات الخاصة للتعليم لجميع الأسلاك وهي بالتالي تسهم في تغطية أكلاف التعليم الخاص ، لكنن