شارك المركز التربوي للبحوث والانماء مع مشروع " منهجنا " وبالشراكة مع الجامعة اللبنانية الأمريكية، ومركز الدراسات اللبنانية و Inspiration Gardens، وذلك في 25 و26 شباط 2022.
كانت لرئيس المركز التربوي للبحوث والانماء الأستاذ جورج نهرا، كلمة في الإفتتاحيّة ممثلاً برئيسة قسم التربية الوطنية والتنشئة المدنية ومنسقة لجنة التربية على المواطنيّة الدكتورة بلانش أبي عسّاف، حيث تحدث عن مهامِ التربيةِ في تنشئةُ الإنسانِ المواطنِ، أيْ تعريفُ الإنسانِ بالمواطنيّةِ التي هي في صُلْبِ حياتِهِ وسْطَ جماعةٍ ينتمي إليْها، وتجمَعُهُ بِها تطلُّعاتٌ وآمالٌ مشترَكَةٌ. والمواطنيّةُ مفهومٌ يتشكلُّ مِنْ أبعادٍ عدة منها، بعد الانتماء، البعدُ الحقوقيّ، البعدُ الاجتماعيّ، البعدُ الأخلاقيّ، والبعدُ الإنسانيُّ العالميّ.
وباعتبارِ التربيةِ أداةً أساسيّةً إما لنقلِ التراثِ الثقافيِّ مِنْ جيلٍ إلى جيلٍ أوْ لتعزيزِ الانتماءِ إلى الإنسانيَّةِ مع ما يعنيهِ هذا مِنْ طغيانِ مفاهيمِ العولمةِ، التي تسعى إلى فرضِ قيمِها وأفكارِها ومشاريعِها على الصغارِ قبلَ الكبارِ. ومن أبرز هذه التحديات الممكن رصدها في الجوانبِ الآتيةِ:
تحدياتُ الانفتاحِ وطبيعةُ المعاييرِ التي تتحكَّمُ بهِ،
أيُّ انفتاحٍ نريدُ على العالمِ نريد؟
العصرَ الحاليَّ يحملَ الكثيرَ في مجالاتِ التكنولوجيا والرقميّةِ، لكنَّهُ ما زالَ قاصرًا عنْ بناءِ ثقافةٍ إنسانيَّةٍ عالميَّةٍ جامعةٍ،
ما هي مجالات التربية التي تنتظرُ البشريةُ في القرنِ الحادي والعشرينَ د؛
أيّ تحدياتٌ تنتظرنا بالإدارةِ التربويّةِ التعليميَّةِ؟
ما هي التحدياتٌ على مستوى الأسرةِ ومدى إسهامِها في نجاحِ العمليّةِ التربويَّةِ؟
ومع أطلاق المركز التربوي لورشته حول الإطار الوطني لتطوير المناهج في كانون الاول 2021 والتي كانت بعنوان "نعيد للتربية دورها في إعادة بناء الوطن وتمتين الوحدة الوطنية بترسيخ الحوار والتفاهم". الهدف من الورشة، وضع مناهج عصرية غير مثقلة بالحشو والتكرار، وبالتالي تترك مساحة واسعة للإبداع والإبتكار، وتبني جيلا بحسب الملامح التي نتوخى ان يتمتع بها تلامذتنا، من التنوع الثقافي واللغوي ، إلى الإبتكار العلمي والتكنولوجي، مع الحفاظ على تاريخنا وتراثنا وانتمائنا الوطني. كما شدد على أهمية التقويم. أما في ما يتعلق بملامح المتعلم فقد أكد رئيس المركز أن متعلّم الغد هو ابن عصر المعلوماتية والتفاعل الرقمي، لذلك فإن ملامحه تتلاءم مع عصر التواصل والانفتاح والعولمة. من هنا ينطلق تفكيرنا في رسم ملامح متعلّم عالمي يتماشى مع مهارات القرن الواحد والعشرين، مع المحافظة على الأصالة والقيم الوطنية، وترك المجال واسعا للتحليل والاختبار والتعلّم مدى الحياة.
وختم رئيس المركوز التربوي كلمته، "إنه التحدي الكبيرُ أمامَ مناهجِنا التعليميَةِ/ وأمامَ مدارسِنا، باختصارٍ أمامَ كلِّ مَنْ لَهُ يدٌ في بناءِ الإنسانِ، فإمّا أنْ يأتيَ البنيانُ رفيعًا، مَجيدًا، وإما أنْ نشكِّلَ كائناتٍ معارِفُها ممسوخةٌ وأفكارُها ممجوجةٌ وإراداتُها مسلوبةٌ... فلنقمْ بدورنا ولنكنْ على قدرِ التحدّي".
عِشتُمْ وعاشَ إنسانُنا واعيًا حرًّا منفتحًا ومسؤولًا.
كلمة أبي عساف
كذلك شاركت في المحور الرابع رئيسة قسم التربية الوطنية والتنشئة المدنية ومنسقة لجنة التربية على المواطنيّة الدكتورة بلانش أبي عسّاف، في مداخلة بعنوان مناهج التربية المدنية ومواد الاجتماعيات ودورها في التربية على المواطنية، استهلتها بـأن الدولة تسعى، من خلال سياساتها الاجتماعيّة والتربويّة العامّة إلى تنشئة المواطن الذي تطمح إلى تكوينه بصفته عضواً منتجاً وقيمة مضافة في مجتمعه ووطنه كما يمكن أن يكون سفيراً لوطنه في العالم. وعليه، تصير التربية على المواطنية، هي الوسيلة التي تضمن لكلِّ من أفراد المجتمع القدرةَ على فهم العالم والمجتمع الذي سيكون مطالبًا بأداء أدواره فيهما، سواءً أكان ذلك على المستوى الفرديّ أو المهنيّ أو السياسيّ. بمعنى أدقّ، تشمل التربية على المواطنية كلّ المواطنين على اختلاف أعمارهم، وتكون هذه التربية مقصودة وهادفة وممنهجة بشكل خاص في إطار التربية المدرسيّة أي في مرحلة التعليم النظامي ما قبل الجامعيّ.
كما يواجه اليوم العالم إشكاليات متنوعة، في تأمين وتقديم التعليم الجيد، كون الوصول الى المعلومات أصبح متوفراً للجميع، إنما بأشكال متفاوت، وتحديداً لدى المؤسسات التربوية التي واجهت مشاكل عدة، لاضطرار معظمها الى الانتقال الى التعلّم من بعد مؤخراً في ظلِّ جائحة كورونا، دون امتلاك الأدوات والطرائق والمقاربات اللازمة لذلك.
انطلاقاً من هذا الواقع التغيري المستجد، بدت الحاجةُ ماسة إلى تطوير الدور الذي تقوم به المؤسسات التربوية، في ترسيخ هذا التغييرِ، وفي التأثير في حركة المجتمعِ، وبخاصة أن التربية تأتي في طليعة النظُم الاجتماعيّة لجهة الفاعليّة والتأثيرِ في عملية التغيير على الصعد كافة .
إنطلاقاً من عنوان المحور الرابع: مناهج التربية الوطنيّة والتنشئة المدنيّة ومواد الاجتماعيات وأدوارهم في التربية على المواطنية.
يعتقد كثيرون أن مفهوم "المواطنيّة" هو مفهوم غربي النشأة، وأن الدول الغربيّة تريد فرضه من خلال تعميمه كمثال للحياة الوطنيّة والمواطنيّة. هذا صحيح لناحية تطوير المفهوم وتحديثه. فعبّر عن الفكر الغربي وبلغة الغرب الذي طوّعه بما يلائم ثقافة المجتمع الذي نما فيه فصار على قياسه. وهذا حقٌّ.
ولكن،... للمفهوم تاريخه العريق وجذوره التي ضمنت للشعوب القديمة وجود دولة (بشكل او بآخر) يعيشون في كنفها بأمان وبضمانة القانون، وبرفاه فكري واقتصادي، وعلاقات حسن جوار، فاكتسبوا في حمايتها ورعايتها صفة مواطنين. بابل، اثينا وروما القديمة، قرطاجة، بلاد كنعان، المدن الفنيقية، ...
ومن جهة أخرى، عندما حاول المركز التربوي للبحوث والإنماء تحديث منهج التربية الوطنية في عام 2016، بالتعاون مع خبراء تربويين، شهدنا نقاشاً معمّقاً لمفاهيم المادة ومراجعة دقيقة للمصطلحات ومراعاة تامّة لواقع المجتمع الوطني اللبناني وحاجاته دون التنازل قيد أنملة عن قناعات لجنة التأليف مجتمعة التي صمدت بوجه محاولات الضغط التي مورست من هنا وهناك لتمرير ما لم تقتنع بتمريره.
من هنا فإن مادة التربيّة الوطنية والتنشئة المدنيّة ومواد الاجتماعيات عامة هي مواد تفاعلية لجهة الأهداف والمضمون وطرائق العرض والتقديم، وهم في حركةً دائمة تستوجب مواكبة كلما يصيب الوطن والمجتمع من تطوّرات أو متغيرات.
أما التربية على المواطنية، فهي خطُّ الدفاع الأولّ عن الوطن والمتعلم المواطن. إنما السؤال الملحُّ الذي يطرح نفسه هو: "أين مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنيّة وسائر مواد الاجتماعيات التي ندرِّس اليومَ في مناهج 1997 من مفهوم التربية على المواطنيّة؟". إزاء جدية السؤال، كان سعيٌ لبناء صلة بين المفهوم وبين المعطيات التي عمل عليها المركز التربوي منذ 1997 لغاية اليوم بهدف المواكبة والتجدد متوافرين...
المواطنية ليست مفهوماً مجرداً أو كلمة جامدة بل هي في صيرورة وتطوّر دائمين مرتبطين بوعي الإنسان لحاجاته وتنوّع متطلبات حياته. هذا الواقع يجعلها على تماس مباشر مع التنمية المستدامة التي تطوّر مفهومها تحديداً ومقاربة، ليتجاوز حاجات الإنسان المادية، عبر الزمان والمكان والتي تمثّل بعداً واحداً من أبعاد التنمية، إلى شمولية تتقاطع مع حاجات الإنسان وتطلّعاته المتصلة بأبعاد الحياة على اختلافها. وهنا لا بد من التذكير بتمييز التربية على المواطنية عن التربية الوطنية. فالمواطنية كما التربية عليها أن تشتمل على عناصر كثيرة غير محصورة بمادة دراسية واحدة، بل متقاطعة مع سائر المواد التعليميّة وتحديداً في مواد الاجتماعيات.
على هذا النحو، تعبّر المواطنيّة عن صدق الانتماء والإخلاص للجماعة التي ينتمي إليها المواطن والتي تتمثّل في تعزيز حق كل أفراد المجتمع في حياة كريمة، من خلال تعليم وممارسة المواطنية الفاعلة على المستويات الأربعة الأساسية: الأفراد، المدرسة، المجتمع المدني والدولة، ومن خلال إدراج مفهوم التربية على المواطنيّة في مادة التربية الوطنيّة والتنشئة المدنية وسائر مواد الاجتماعيات وتعليم محتواها والتعريف بأثرها عن طريق الأمثلة، وصولًا لتمكين جميع المتعلمين من التظلل بمجتمع أكثر عدالة وشمولاً، يحقّق الحياة الكريمة للجميع.
ماذا فعل المركز التربوي للبحوث والإنماء منذ ولادة المناهج لغاية اليوم؟
انطلاقاً من منهج مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية ومادة التاريخ، الذي أريدَ لهما في الأصل أن يكون لهما كتاب وحيد وموحّد لكل لبنان، كيف لا ووحدة الوطن "من وحدة التربية الوطنيّة والتاريخ" بحسب وثيقة الوفاق الوطني.
مشروع خدمة المجتمع وهو مشروع متقاطع مع سائر المواد التعليمية وفي طليعتها مادة علم الاجتماع انطلافاً من تقنيات البحث مروراً بوضعيات معاشة في محيطنا المحلي، مروراَ بمادة التاريخ وصولا إلى مادة الجغرافيا
دمج المواطنيّة الفاعلة من خلال انشطة في مضمون مادة التربية الوطنيّة والتنشئة المدنية
دمج المواطنية ذات البعد الانساني العالمي (المواطنية العالمية) من خلال انشطة تفاعلية في مضمون مادة التربية الوطنيّة والتنشئة المدنية.
مشروع التاريخ المثير للجدل تعلم مادة التاريخ بالمشروع
انشطة متنوعة حققها المركز التربوي من خلال سائر الاقسام الاكاديمية التي تمثل كامل مواد المنهج اللبناني. نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
انشطة التوعية من مخاطر المخدرات وهو موضوع متقاطع مع مادة التربية الوطنية في المرحلة الثانوية الصف الأول ثانوي ومع مادة علم الاجتماع في الصف الثاني ثانوي بالاضاقة إلى مادة علوم الحياة ومادة الكمياء
أنشطة حول التنمر بكل اشكاله الاجتماعية والنفسية والسلوكية بالاضافة إلى الرقميّة
انشطة حول التوعية من مخاطر الانترنيت لكل المراحل العمرية
انشطة الدعم النفس اجتماعي التي تتقاطع مع كل المواد التعليمية لكل المراحل العمرية
منهج الصحة الانجابية المعتمد في مواد التربية والاجتماعيات بالاضاقة إلى مادة علوم الحياة.
على مستوى المواطنة الرقمية
سلامة الاطفال على الإنترنت
معايير للموارد الرقمية
إنتاج مجموعة من اللدروس الرقميّة في كل المواد التعليمية
وضع سياسة الموارد التعليميّة المفتوحة، OER Policy وهي ليست فقط معايير لتقييم الموارد التعليمية المجانية بَل هي عملية تُسهم في التطور السريع والمستمر في جودة التعليم والتدريس. تؤسس لبناء مهارات تعاونيّة بين المتعلمين وبين المعلمين مما يساعد في تحسين جودة التعليم كونها عملية تطور مستمرة وبنائية فهي تُكسب غنى وتجددا وابتكارا.
بمعايير الترخيص المفتوح،
بقوانين حقوق النشر
بالإجراءات القانونية المعتمدة في المركز التربوي
يشكل انتهاك شروط هذه السياسة مخالفة تؤدي إلى اتخاذ اجراءات قانونية وفاقاً لسياسة المركز التربوي للبحوث والإنماء.
- وحدة الإنتاج الرقمي (إنتاج موارد رقمية اعلانية وتربوية)
- وحدة المنصات الرقمية (أنظمة إدراة التعلم والتدريب)
- وحدة الإعلام والعلاقات العامة (الإعلان والإعلام الرقمي وشبكات التواصل الإجتماعي)
- وحدة الجودة (إدارة المشاريع – وضع نموذج لتقييم الموارد الرقمية والآن نعمل على مكننته )…
- الكتب المدرسية المجانية وهو كتاب إلكتروني متوفر على تطبيق E-Book لكل متعلم ومعلم.
- منصة رقمية تفاعلية توفر فرصة مثالية للاستفادة من الموارد التي تم تجميعها من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي.
- منصة موردي هي نظام إدارة المحتوى، تتسم هذه المنصة بسهولة ربطها مع إدارة تعلم تختارها وزارة التربية والتعليم العالي، وتمتاز بأنها تتلاءم مع كل أنواع الشاشات وتأخذ بالإعتبار عدم توافر ألواح ذكية في متناول المتعلمين.
في الخلاصة:
تأمين الشروط الكافية لتكوين مواطن مسؤول، متمكن من المشاركة في الحياة الاجتماعية والمهنية داخل الجماعة ومن ممارسة التفكير النقدي المستقل فيها.
وضع سياسات وبرامج لنقل المواطنية من الحيِّز النظري إلى الحيِّز التطبيقي والممارسة اليومية، بهدف التأسيس لدولة مدنية حديثة، دولة القانون والمؤسسات.
العمل على أنسنة التكنولوجيا وليس رقمنة الإنسان من خلال إعداد مدّونة أخلاقية رقمية.
العمل على خلق توعية حول موضوع التربية على المواطنية داخل المجتمع التربوي ودمجها في حياتنا اليومية.
وأختتم المؤتمر أعماله بعدد من التوصيات المستمدة من مداخلات الخبراء والباحثين.