ردًا على المقال المنشور في جريدة الأخبار بتاريخ 29 أيار 2017 وعنوانه "شطب القضية الفلسطينية من المناهج التعليمية: تطبيع مستتر مع اسرائيل ".
وتصويبًا للواقع نورد الآتي:
أولاً: بعد اتصالات جرت مع السيدة فاتن الحاج حول تقرير عن موضوع "المقاومة بالتربية، أي كيف تبني انسانًا مقاومًا بالمناهج وطرق التعليم وما هي القيم التي يجب أن نرسيها في هذا المجال"، أتى جواب المركز التربوي ليس كما حاولت ان تظهره السيدة الحاج في مقالها إنما كالآتي:
ثانيًا: في ما يتعلّق بمحور القضية الفلسطينية في مناهج مادة التاريخ، نورد الإيضاحات الموثقة التالية:
1. بتاريخ 19-10-2000 صدر التعميم رقم 78/م/2000 (تحديد محاور التدريس لمادة التاريخ في السنتين التاسعة الأساسية والثالثة الثانوية) عن وزير التربية والتعليم العالي آنذاك الأستاذ محمد يوسف بيضون. وتمّ بموجبه تحديد محاور التدريس للسنة التاسعة الأساسية والتي لم تتضمن المحور السادس (القضية الفلسطينية) والمحور السابع (الحركات الاستقلالية في الدول العربية). وعليه، قد استمر العمل بهذا التعميم حتى العام 2016.
2. بتاريخ 2-9-2016 قدّم المركز التربوي للبحوث والإنماء مشروع تعديل تحديد محاور التدريس لجميع المواد، من بينها مادة التاريخ والذي تضمّن اعادة العمل بالمحور السادس المتعلّق بالقضية الفلسطينية.
وقد وقّع معالي وزير التربية آنذاك الأستاذ الياس بو صعب على المشروع التعديلي المذكور أعلاه وصدر التعميم رقم 21/م/2016 بتاريخ 3-9-2016 ونشر فور صدوره على الموقع الالكتروني للمركز التربوي متضمنًا محور القضية الفلسطينية.
3. بتاريخ 8-9-2016 عقد وزير التربية مؤتمرًا صحفيًا خصصه لتوضيح مجريات ما حدث وأجاب على بعض الاعتراضات التي صدرت منذ صدور التعميم وحتى تاريخ المؤتمر، تاركًا مهلة أسبوعين لتقديم كافة الملاحظات والاعتراضات لدراستها وإمكانية العمل بها تمهيدًا لوضع التعميم في الصيغة النهائية قبل نشره في الجريدة الرسمية.
ضمن هذه المهلة ونتيجة معاينة ملاحق التعميم على الموقع الإلكتروني الخاص بالمركز التربوي ونتيجة المقال المنشور على الموقع الإلكتروني "جنوبية" بتاريخ 9-9-2016 والذي يظهر اعادة العمل بمحور القضيّة الفلسطينية (ملحق رقم 4)، تلقى المركز التربوي العديد من الملاحظات من جهات رسمية وخاصة متعلقة بالإبقاء على تعليق العمل بمحور القضية الفلسطينية بحسب التعاميم السابقة. وفي اجتماع جرى مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، تّم التداول في هذا الشأن وكان التوجه أيضًا إلى الإبقاء على تعليق العمل بهذا المحور للأسباب الآتية:
لذلك كان الطلب من قبل المجتمعين من المؤسسات التربوية الخاصة على الإبقاء على تعليق العمل به حرصًا على عدم تغذية الجدل حول هذا الموضوع لدى الأطياف كافة ريثما يتم الاتفاق على رؤية موحّدة لدى جميع اللبنانيين وصدور منهج تاريخ موحّد يحظى على موافقة جميع الفعاليّات السياسية والتربويّة بما يحقق الأهداف والمبادئ العامة الواردة في وثيقة الوفاق الوطني.
بناء على كل ما تقدّم حول هذا الموضوع،
إن المركز التربوي للبحوث والإنماء حاول جاهدًا بناءً لطلب معالي وزير التربية الأستاذ الياس بو صعب، إعادة العمل بمحور القضيّة الفلسطينية (المعلّق العمل به منذ العام 2000) ولكن نتيجة الاعتراضات على ذلك ونظرًا لعدم وجود مادة تعليميّة متّفق عليها وطنيًا ومصدّق عليها من قبل مجلس الوزراء كان من المستحسن الابقاء على تطبيق التعميم رقم 78/2000 الصادر عن الوزير بيضون. لذلك اقتضى التوضيح.
ثالثًا: في طبيعة التعاون بين المركز التربوي للبحوث والإنماء ومؤسسة أديان كما سبق وأشرنا إلى هذا الموضوع سابقًا في مقال مع السيدة فاتن الحاج في 13/4/2016 نعود ونقول:
"إن الاتفاق مع مؤسسة أديان محكوم بضوابط الدستور اللبناني والقوانين والأنظمة والمراسيم التي يحدد مجلس الوزراء في خلالها دقائق وتفاصيل المواد. وبالتالي فإن التعاون مع هذه المؤسسة هو ضمن التعاون مع المجتمع المدني والجمعيات المتخصصة والناشطة، ومع المؤسسات التربوية الخاصة والرسمية، وتمر مضامينه وتوصياته وتوجهاته عبر اللجنة العليا للمناهج ووزارة التربية ومجلس شورى الدولة ومجلس الوزراء. وبالتالي فإن اللبنانيين على تنوع طوائفهم وتوجهاتهم الإيمانية يعيشون تحت سقف المواطنة الحاضنة للتنوع، ويحلون مشاكلهم بالحوار والسلام، ضمن مقتضيات القوانين والانظمة الراعية للحياة. عنوان الشرعة الوطنيّة المنبثقة عن مشروع أديان "التربية على المواطنة الحاضنة للتنوّع الديني" وفي هذا جواب كاف وشاف هي المواطنة التي ترعى "وتدير" هذا التنوًع في الاتجاه المطلوب وليس العكس. والتنوّع الديني واقع في لبنان! إذاً نحن وطن يحتضن مواطنين ذوي تنوّع ديني وهويّة مركبّة. وقد حاول البعض إلغاءنا ، وحاول آخرون صهرنا، وهناك من أراد تقسيمنا، كما اقترح آخرون تهجيرنا !... فلا أرى أين الخطأ في أن نصبح مواطنين لبنانيين ومؤمنين! وأن يكون التنوّع مصدر غنى! قد يكون مفهوم المواطنة الحاضنة للتنوع الديني مدخلاً لتبني مفهوم التثاقف الذي قد يساهم في اخراج اللبنانيين من الانتماءات المتنوعة المتنافرة إلى استثمار التنوع لإنتاج ثقافة وطنيّة جامعة. إن المبدأ هو ادماج مبدأ التنوع الديني أي احترام التنوع الديني ضمن مفهوم المواطنة وليس العكس. فقد نص الدستور اللبناني أن في مقدمته أو بنوده على احترام التنوع الثقافي والمناطقي والسياسي والاجتماعي... بما في ذلك التنوع الديني. الدستور والقوانين اللبنانيّة هي المرجعيّة الأساسيّة التي استندت إليها خطة النهوض التربوي وتشكل جميعها المظلّة لأي منهج تربوي. يتجّه المنهج إلى بناء التفكير الناقد والعلمي لدى المتعلّم، وبناء شخصيّته المستقلّة وثقته بقدرته على التغيير، وتنمية وعيه لحقوقه وآليات المطالبة بها والدفاع عنها ناهيك عن تدريبه على المواطنة الفاعلة وعلى المشاركة في القرار والقدرة على المساءلة والمحاسبة ... وعليه، نعوّل على أجيال من المواطنين تتفاعل مع
القضايا الوطنيّة بعقلانية وانفتاح وتسعى لتحويل الاختلاف إلى غنى وإلى حلّ النزاعات بالحوار وإلى إنتاج ثقافة وطنيّة جامعة ينتج عنها مواطن لا طائفي قادر على فرض التغيير، لا رعايا منقادين.
ثقافة المقاومة هي ثقافة دفاعية غير هجوميّة ! نحن نتكلم عن انسان مسالم ولكن غير مستسلم المسالمة لا تعني الخنوع ولا الجبن ولا الخوف ولا الهروب، إنها ثقافة الإنسان الذي لا يعتدي على حق سواه ولا يتنازل عن حق له ولا يتخاذل عن الدفاع عن حقه وانتزاعه، ولا يتوانى عن الدفاع عن قضيّة محقة أياً كان صاحب الحق".
ختامًا ليتنا نُقصي التربية عن القرارات والمواقف السياسية من خلال الانفتاح والوعي وزرع التفكير الناقد والإبداعي.
بما أن هذه المسألة اتخذت منحى غير تربوي، نوّد الإشارة إلى أن التاريخ يعيد نفسه، إذ أنها ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها المركز التربوي كمؤسسة تربوية رسميّة رائدة، ونرى أنفسنا نجاوب على الاستهداف بالطريقة عينها التي ردّ فيها المركز عام 2001:
"إن المركز التربوي الذي يعتبر ما يقوم به واجبًا، لا ينشد الشكر، ويرى في النقد مسألة مطلوبة وضرورية في أي زمان ومكان، لا بل يصرّ عليها، لتحسين الأداء ولجودة العمل. لكنه في المقابل يهيب بالجميع الابتعاد عن أسلوب التهشيم المتعّمد لأنه لا يسيء فقط إلى هذه المؤسسة الوطنية الهامة بل إلى التربية ككل، وإلى مئات الاختصاصيين والتربويين في القطاعين الرسمي والخاص الذين عملوا في المناهج. كما يسيء إلى أصحابه. ويلفت المركز التربوي الجميع إلى ضرورة تهيب المسؤولية لناحية التعاطي مع المناهج، نظرًا للضرر الفادح الذي يمكن أن يلحق بها نتيجة التعامل معها بخفة. سلبًا أو ايجابًا، ذمًا أو مدحًا. ومن هنا يدعو إلى إعادة الأمور إلى أطرها المؤسساتية الطبيعية كما يفترض العمل التربوي المسؤول، وحرصًا على إعلاء شأن التربية في لبنان التي يكفيها ما تعانيه".
رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء بالتكليف
د. ندى عويجان