دعت جمعية مونتسري اللبنانية الى افتتاح رسمي في 13 حزيران 2019 بحضور شخصيات سياسية، تربوية واجتماعية. وقد شاركت في هذه الاطلاقة رئيسة المركز التربوي د. ندى عويجان، وعدد كبير من تربويي مكاتب ووحدات وأجهزة المركز التربوي، حيث ألقت د. عويجان كلمة بالمناسبة، جاء فيها:
“أكثر ما أعجبني بماريا مونتيسوري شخصيتها القوية، العميقة والمفكرة. دخلت كلية الطب حيث تخصصت في دراسة أمراض الأطفال ومشاكل الأطفال ذوي الحاجات الخاصة واهتمت بالأنثروبولوجيا anthropology وطرائق التعليم. pedagogy
اهتمّت مونتسوري بصحّة الأطفال، بالتربية الخلقية، وبالنشاط الجسماني. كما اعتبرت أنّ التعليم يجب أن يلعب دورًا داعمًا وموجّهًا لطبيعة الطفل وفق ميوله. وأمّا بما يحيط بالطفل، فيجدر أن يُوظف في خدمته، يلائم احتياجاته ويظهر كفاياته ضمن مواد مصممة للقيام بتمرينات على الحياة اليومية. كما وأثنت مونتسوري على أهمّية اعتبار حواس الطفل، فهي منفذًا طبيعيًّا للتنمية العقلية وفقًا لإمكانية الفرد. تقدمت مونتسوري في بحثها، وسعت الى فهم قدرات الطفل وإمكاناته بصورة أفضل، فركّزت على غرس الوعي والرغبة في الاكتشاف، عوضًا عن التعليم السطحي. كما ونصحت بالتعلم من الأطفال الأكبر سنًا. اعتبرت هذه الطبيبة والمربيّة والمدرّسة، أن التربية الذاتية هي القاعدة الجوهرية لكلّ طرائق التدريس، وأن الطفل السعيد هو المحاط بالعناق والمخاطبة (المحبة والتواصل)، فبإمكانه التحوّل إلى غير مبالٍ اذا لم يحصل على الرعاية اللازمة والحنان. توصّلت أيضًَا أنّ اللعب يمكن أن يُستثمر في التدريب على مبادئ الحساب والقراءة والكتابة ومبادئ السلوك وغيرها.
بالنسبة إليها ولكثير من التربويين، تظهر أهميّة السنوات الأولى في حياة الطفل، لإسهامها في تكوينه جسديا وعقليا. في خضمّ هذه الفكرة، تنمو الذاكرة ويتبلور التفكير ووتثبت الإرادة. لاحظت أن لدى الطفل رغبة في معرفة العالم من حوله، فإنه يبني معرفته من خلال الاحتكاك والتفاعل الجسدي مع البيئة، فهذه الرغبة تولد من خلال ميله لإستخدام يديه. ركزت مونتسوري على الحواس الخمسة بتنقل المؤثرات الخارجية الى الدماغ ووضعت تمارين خاصة لتنمية كل حاسة من الحواس الخمس.
من أهم المؤشرات التي اعتربتها ماريا مونتيسوري ضرورية في الصف هي البساطة والجمال (الحس الجمالي) وكلّ المحتويات المتناسبة مع المرحلة العمرية للطفل. فبناء غرف تدريس على أسس قواعد ثابتة، مجّهزة بتصميمٍ يبعد التلهي، ويوفر فرص للعمل البناء، وخاصةً من خلال مواد قادرة أن توقظ اهتمام الأطفال بالتعلم وحبّ التعلم. وهذا ما دعاها لإنتاج أدوات متنوعة وجذابة ولكن بسيطة، معدّة خصيصًا لملائمة احتياجات الطفل ومساعدته في دفع عملية التعلم والاكتشاف.
سبقت ماريا مونتيسوري عصرها وعملت على تطوير منهج خاص يحاكي التربية من منظور العالم الجديد وآمنت بالقدرات الإنسانية وخاصة عند الأطفال. أجزمت أن الطرق التدريس التقليدية هي السبب المباشر في ظهور التأخر الدراسي، فاستبدلتها بطرائق الاستكشاف والبحث. آمنت بالتعلم عن طريق اللعب والتفاعل اللفظي والعمل مع الاشكال، وارتكزت على تدريب الحواس وطرحت منهجًا لتدريب كلّ منها. عملت على برامج إعداد وتدريب المعلمين واعتبرت أن احترام الطفل وخصوصيته واستقلاله هو صلب العلاقات الإنسانية ويسهم في انجاحها التام.
من ناحية اخرى، حددت دور المعلم / المعلمة في إطار مراقبة الطفل في تحديد اهتماماته وتقديم المساعدة له اذا طلب ذلك. أما أولياء الأمر، فعليهم أن يستمعوا من الطفل، بحسب مونتوسوري، عن حاجاته، وعليهم تأسيس بيئة صحيّة في البيت تسهم في نمو أطفالهم السليم. ماريا مونتوسوري، سبقتي عصرك فنحن نشكرك ونشكر المؤسسة التي تحذو حذوك وتنير أعمالك.
وجودنا اليوم دليلٌ على إعجابنا وتقديرنا لمقاربة ماريا مونتيسوري في التعليم والتي ستفيدنا حتمًا في مشروع تطوير المناهج. وبالتربية نبني معًا."