برعاية وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ أكرم شهيّب ممَثَّلاً برئيسة المركز التربويّ للبحوث والإنماء الدكتورة ندى عويجان، أقامت دار المعلّمين والمعلّمات في عاليه في مجمّع كمال جنبلاط التربويّ ندوةً تربويّة اجتماعيّة في إطار مشروع موردي بعنوان "مخاطر الألعاب الإلكترونيّة على الأطفال وآثارها في زيادة الصعوبات التعلّميّة".
حضر الندوة كل من مستشار وزير التربية لشؤون المركز التربويّ د.نادر حديفة، وممثّلة رئيس بلديّة عاليه د. منى عقل، ورئيس أساقفة بعلبكّ سابقاً المطران سمعان عطالله ومدير دار لويس أبو شرف الأستاذ عبد الله الزغبي والمسؤولة الفنية السيدة ندى جرجس ومستشار رئيسة المركز التربوي لشؤون الإحصاءات د. ريمون بو نادر ورئيسة قسم الخدمات النفسية والاجتماعية د. سمر الأحمدية وعدد من مديري مدارس وثانويّات جبل لبنان وفعاليّات المنطقة.
بدايةً، رحّب مدير دار المعلّمين والمعلّمات في عاليه ، الأستاذ طلال الريّس، بالمدعوّين، وأطلعهم على نشاطات الدارالتي استضافت 95 دورةً تدريبيّةً خلال هذا العام الدراسيّ ، وتمَّ تدريب نحو 1350 متدرّباً. كما أعلن أنّ هذه الندوة تمهّد للمشروع الذي سيبصر النور قريباً ، وهو افتتاح قسم التربية المساندة لذوي الصعوبات التعلميّة، في دار عاليه، داعياً الجميع إلى دعم الدار لأهميّة دورها في عمليّة التدريب المستمرّ.
كلمة عويجان :
وألقت الدكتورة عويجان كلمةً ركّزت فيها على الاهتمام الكبير الذي يوليه المركز التربويّ لقضيّة الصعوبات التعلّميّة، والتعليم الدامج قالت فيها:
نجتمع اليوم وبعد نحو أسبوع من اليوم الوطني للتلامذة ذوي الصعوبات التعلمية.
نجتمع اليوم لنؤكد على حق الاطفال بتعليم وتعلم عادل ومتوازن في ظل تربية محفزة ومقاربة تعليمية متمايزة تبين قدرات جميع المتعلمين في ظل مدرسة فاعلة ومجتمع دامج.
نجتمع اليوم لنؤكد أيضا على التزامنا وخططنا في مشروع الدمج، وقد عاهدنا أنفسنا بأن نستخدم ما يصل إلينا من الدعم الدولي لزيادة عدد المدارس الدامجة وتأمين المستلزمات البشرية والتقنية والتربوية لتعليم جيد للجميع، يظهر مواهب اطفالنا وطاقاتهم فيتحولون من وضعية القلق على مستقبلهم إلى وضعية الابداع والإنتاجية في الميادين التي يبرعون فيها.
في هذا الاطار يسهر كل من المركز التربوي للبحوث والانماء والمديرية العامة للتربية على متابعة المشاريع التي تعنى بالدمج لتحقيق تكافؤ الفرص في عملية التعليم والتعلم. وفي اطار الخطة للعام 2030 ، أنشأنا في المركز التربوي قسم الخدمات النفسية والاجتماعية وقسم الاحتياجات الخاصة لمتابعة هذه المشاريع وقمنا بوضع اطار مرجعي لأدوات الرصد والتقويم والمراجعة التي زاد عددها عن ٣٠٠، وقمنا بتدريب معلمي ومديري المدارس الدامجة، ونحن نتجه إلى تطوير المناهج الوطنية لكي تراعي الصعوبات والحاجات الخاصة، وكنا قد عملنا على وضع توصيف للإمتحانات الرسمية لذوي الاحتياجات الخاصة (الصعوبات التعلمية، الاعاقات البصرية والاعاقات السمعية) نتمنى أن يبصر النور قريبا. ونحن نعمل حاليا على مشروع أنشطة رياضية لهذه الفئة وعلى تحويل الكتاب الذي أصدره مركز سكيلد بالتعاون مع جامعة بيولا الأميركية "استراتيجيات في الدمج المدرسي" الى مادة تدريبية لما فيه خير التربية.
في هذا الاطار لا يسعني الا أن أشكر الدكتورة سمر الاحمدية على مساهمتها في جميع هذه الانشطة وعلى مهنيتها العالية في هذا المجال.
من ناحية أخرى، نحن في قلب العصر الرقمي الذي يتطور ويتحوّل في كل لحظة. حتى تكاد الرقمية تشمل كل جوانب حياتنا. إن أولادنا هم أول المستهلكين لمختلف أنواع البرمجيات والمواقع والألعاب، والتواصل الاجتماعي وغيرها. هنا تكمن الخطورة إذا كانوا غير مستعدين لاستخدام المنطق السليم في التعاطي الواعي مع هذه المغريات. والرقمية المفرطة تسهم باضعاف الذاكرة على المدى الطويل، تسبب التعب والإرهاق والصداع وقصر النظر. كما تسبب آلاما في العنق ومنطقة الكتفين وتؤدي الى الإصابة بالسمنة. أضافة الى هذا، يمكن للرقمية في حياتنا أن تتحوّل الى إدمان عليها، فيصبح الطفل انطوائيّاً ومحباً للعزلة أو يصبح عصبيا وعدوانيا. كما وأنّه قد يفقد الإرادة الحقيقية ويفقد مهارات التواصل مع الآخرين. الرقميّة في عملية التعليم والتعلّم، بحسب رؤية المركز التربوي، هي وسيلة لتحفيز المتعلّم ولتسريع وتسهيل بناء المعرفة، وليست غاية بحد ذاتها، فهي توفِر المعلومات في كل وقت، تغني الدروس بوسائل رقمية متعددة، تزيل المعوّقات والحواجز (التكافؤ في الفرص) فيما خص الحصول على المعلومة (فردنة التعلم)، تطبّق أساس التعليم والتعلم المتباين بحسب الذكاءات المتعددة والحاجات الخاصة، تفعّل التعلّم الذاتي مدى الحياة، تعزز بيئة التعلم، توفّر بيئات تعلم افتراضية رقمية تفاعلية، تفتح الباب للابتكار والتفكير والتخطيط، تقوي الملاحظة والتركيز والخيال، تعلّم الأحرف والأرقام وغيرها. لذلك، ولكي ننجح في بناء مجتمع يحمي نفسه من أخطار العولمة، نحن مدعوون الى تذويد أولادنا بالمعارف الأساسية والضرورية عن الرقمية، والى اكسابهم المهارات الرقمية المطلوبة، والى توجيههم لاتخاذ المواقف السليمة والمسؤولة وللاستخدام الفعال والآمن في حياتهم.
أضافت : ايمانا منا بأحقّيّة التّعليم لكلّ إنسان، بغضّ النّظر عن قدراته ومواهبه، يسعى المركز التّربويّ للبحوث والإنماء من خلال انجازاته السابقة وتطلعاته المستقبلية ومن خلال دعم معالي وزير التربية والتعليم العالي، الى:
1- وضع استراتيجيّة الدّمج المدرسيّ، مع الوزارات والمديريات والجمعيّات وكتل المدارس الخاصّة، والمؤسّسات المواكبة المعنيّة، وتطوير الخطّة الوطنيّة التّربويّة لدمج "ذوي الاحتياجات الخاصّة"، واعتمادها أساسًا جوهريًّا للدّمج المدرسيّ،
2- تطوير المنهج بكلّ عناصره ومستلزماته البشريّة والتقنيّة والماديّة؛ ليصبح منهجًا تفاعليًّا، يحاكي احتياجات العصر، مراعيا معايير الجودة والنّوعية للتّعليم المتمايز بما يتناسب مع حاجات المتعلّمين من ذوي الصّعوبات التّعلّميّة والاحتياجات الخاصّة، مدعّما بنظام للتقييم وللإمتحانات الرسمية،
3- انتاج أدلّة متخصصة وموارد تربوية، وأدوات تّشخيص وتّقييم قادرة على رصد مستويات المتعلّمين، وأساليب تعليم نّاشطة، وتّقنيّات تّكنولوجيّة وتدخّل مُبكر بهدف الوقاية من الصعوبات التعلّميّة ومعالجتها،
4- تطوير برامج وأساليب تدريب المعلّمين والمديرين والنّظار والاختصاصيّين (المقاربة التعليميّة، الدّعم النّفسي الاجتماعي، رصد الصّعوبات التّعلميّة وغيرها)،
5- وضع معايير للأبنية المدرسيّة والتجهيزات الصفية، تضمن الأمن والحماية والبيئة المنسجمة مع حاجات هؤولاء المتعلّمين،
6- التّوجّه، في بعض الأبحاث التّربويّة، لفهم متغيّرات الدّمج المدرسيّ، وواقعه، وشروط تطويره وتطوير أدواته،
7- الاهتمام بالطّفولة المبكرة؛ لما للتّدخّل المبكر من مردود في الوقاية من الصّعوبات التّعلميّة،
8- استكمال فتح أكثر من 7 مراكز للخدمات التّربويّة لذوي الصّعوبات التّعلّميّة في كل المحافظات اللّبنانيّة، مماثلة لمركز الخدمات الخاصة، في دار المعلّمين والمعلّمات في جونيه الذي يقدم خدمات التدخل والتقويم والمتابعة لتلامذة المدارس الرسمية مجانا،
9- العمل على تطوير القوانين والمراسيم التطبيقية لتنسجم مع الحاجات في هذا الاطار.
أخيرا وليس اخرا، التربية هي أساس المجتمع، هي المكون الاساسي للرأسمال البشري ولأهداف التنمية المستدامة. لذلك، يتوجب علنيا التعاون بين القطاعين العام والخاص والاستفادة من جميع الفرص الداخلية والخارجية لتحقيق استراتيجية وطنية تليق باولادنا.
شكرا لدار عاليه (أستاذ طلال الريس) اصطدافته لهذه الندوة، شكرا للاخصائية السيدة ريتا حسون لهذه المداخلة، شكرا لحضوركم. وبالتربية نبني معا !
أدارت الندوة المتخصصة في علم النفس العيادي والخبيرة النفسيّة الاجتماعيّة د. ريتا حسون عطالله ، شارحةً ما يواجهه المتعلّمون من صعوباتٍ خلال تحصيلهم الدراسيّ ،عارضةً شواهد من دراسات علم النفس العياديّ، ومن واقع عملها اليوميّ.
وفي الختام، أجابت د. حسون على أسئلة الحضور حول موضوع الندوة. وقالت ثقتنا كبيرة بأنّنا بالتربية سنبني المدارس القادرة على احتضان ذوي الصعوبات التعلّميّة ، وإدماجهم بنجاحٍ في مجتمعهم.