إنّ للدّعم النّفسيّ الاجتماعيّ دورًا أساسيًّا و محوريًّا في العمليّة التّعليميّة التّعلّميّة، وذلك لعدّة مسوّغات، لعلّ أهمّها:
إنّ المدرسة التّقليديّة تستهدف بالدّرجة الأولى التّنمية الذّهنيّة للمتعلّمين، وتركّز في توفير المعرفة والكفاءات اللّازمة. ويهمل هذا النّهج التّعليميّ التّقليديّ تنمية المهارات الاجتماعيّة والاتّصالات وتدريبها، وهو ما يمكن من خلاله تحقيق نظام تجريبيّ يشمل: الاعتراف بالعواطف والتّعامل معها، والتّواصل والتّعاطف، والتّنمية الاجتماعيّة والعاطفيّة للأطفال كأهداف تعليميّة موازية تساوي الجدارة مع تقدّمهم الأكاديميّ (Van der Zee K et all 2002)).
كما أنّ للمدرسة تأثيرًا هامًّا في حياة الطّفل وتكوين شخصيّته، لا يكاد يقلُّ أهّميّة عن تأثير التّنشئة في الأسرة. إنّ المفهوم الحديث للمدرسة لا يربط دورها وأهمّيّتها بمجرّد كونها مؤسّسة نظاميّة تزوّد الفرد بالمعرفة فقط، بل هي مجال لتعزيز نموّ الفرد على أكثر من صعيد، والعمل على تبلور شخصيّته وتنمية قدراته ومهاراته الاجتماعيّة والنّفسيّة وفاعليّته في المجتمع، وهي بذلك ذات رسالة تربويّة تهدف إلى ما هو أشمل من مجرّد التّعليم وتحصيل المعرفة، ومن أهمّ أهداف هذه الرّسالة: تكوين الشّخصية المتكامِلة للمتعلّم، وإعداده ليكون مواطنًا صالحًا، ورعاية نموّه الجسديّ والذّهنيّ والوجدانيّ والاجتماعيّ في آنٍ واحد معًا.
وانطلاقًا من ذلك كان اهتمام المركز التّربويّ للبحوث والإنماء بتعزيز التّعلّم الاجتماعيّ – العاطفيّ، والدّعم النّفسيّ الاجتماعيّ لدى مختلف الأطراف المعنيّة بالعمليّة التّعليميّة التّعلّميّة من معلّمين ومتعلّمين وأهل ومجتمع مدنيّ.
فالدّعم النّفسيّ الاجتماعيّ هو التّرابط بين العمليّات النّفسيّة والاجتماعيّة، وحقيقة أنّ كلًّا منهما يتفاعل مع الآخر ويؤثّر فيه باستمرار. يستخدم المصطلح المركّب للصّحّة النّفسيّة والدّعم النّفسي الاجتماعيّ لوصف أيّ نوع من أنواع الدّعم المحلّيّ أو الخارجيّ الّذي يهدف إلى حماية أو تعزيز الرّفاه النّفسيّ والاجتماعيّ. (MHPSS،2014)
مّما يعزّز الرّفاه النّفسيّ – الاجتماعيّ الّذي عرّفته عالمة النّفس كارول ريف من خلال ستّة مكوّنات أساسيّة وهي :
العلاقات الإيجابيّة مع الآخرين، التّمكّن الشّخصي، الاستقلاليّة، الشّعور بالهدف والمعنى في الحياة، والنّموّ والتّطوّر الشّخصيّ. يصل المرء إلى حالة الرّفاه النّفسيّ إذا وصل إلى حالة اتّزان تتأثّر بأحداث الحياة الصّعبة
(.Ryff C.D،1989)
وتجدر الإشارة إلى أنّ المشاريع الّتي يقوم بها المركز التّربويّ للبحوث والإنماء في مجال الدّعم النّفسيّ الاجتماعيّ والتّعلّم الاجتماعيّ- العاطفيّ إنّما تعمل على أكثر من مستوى ومنها:
1- على مستوى المناهج: بحيث تعمل على تعزيز التّعلّم الاجتماعيّ- العاطفيّ من خلال تعزيز كفاياته الأساسيّة وإدراجه في المناهج الحديثة وفي مختلف الموادّ.
2- على مستوى المتّعلّمين :
- تأمين فُرَص تطوّر نفسيّ واجتماعيّ للمتعلّمين من خلال التّحضير لمشاريع وأنشطة تنفّذ في المدارس لتلبية حاجات المتعلّمين لتطوير قدراتهم والإبداع لديهم، والتّعبير عن الذّات، وتنمية المهارات النّفسيّة والاجتماعيّة لديهم؛ ممّا يَنعكِس على شخصيّة المتعلّم وصحّته الجسديّة والنّفسيّة معًا ويساعده في الاندماج الاجتماعيّ ويؤمّن له الرّفاه النّفسيّ الاجتماعيّ.
- تنمية المهارات الاجتماعيّة والنّفسيّة (حلّ المشكلات، التّواصل، الإصغاء/التّعاطف...)
- تعزيز التّفاعل الاجتماعيّ الّذي يتولَّد من تعزيز الأنشطة المدرسيّة المختلفة والّتي تساعد في التّنمية الفكريّة والنّفسيّة والاجتماعيّة.
- تعزيز القيم والمعايير الاجتماعيّة.
3- على مستوى المعلّمين:
- إعداد برامج دعم نفسيّ -اجتماعيّ للمعلّمين، ونشر التّوعية حول أهمّيّة هذا الموضوع.
- ورش عمل ودورات تدريبيّة تتوجّه إلى الجسم التّعليميّ والإداريّ، في إطار الدّعم النّفسيّ الاجتماعيّ وتسليط الضّوء على أهمّيّته على أكثر من صعيد.
4- على مستوى الأهل:
- تعزيز التّوعية لدى الأهل حول مواضيع مرتبطة بالدّعم النّفسيّ الاجتماعيّ لأبنائهم، وبالتّوعية حول مشاكل اجتماعيّة لها تاثيرات وأسباب نفسيّة (الإدمان، التّنمّر، العنف....)
- تأمين الدّعم النّفسي الاجتماعيّ لدى الأهل عبر برامج ومشاريع يخطّط لها المركز التّربويّ للبحوث والإنماء على هذا الصّعيد.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مشاريع الدّعم النّفسيّ الاجتماعيّ، إنّما تركّز في أهمّيّة تفعيل الشّراكات المجتمعيّة مع الجهات المعنيّة لإنتاج برامج ومشاريع مرتبطة بهذا الموضوع.